143

لما أبطل رحمه الله أقوال الذين لم يوجبوا المعرفة عاد إلى الاستدلال على وجوبها ولم يكتف بإبطال أقوالهم واعلم أن مراد أصحابنا بكون المعرفة لطفا في جميع ما كلفناه أنها لطف في جميع ما كلفناه لأمر يرجع إليه وهي الواجبات العقلية العملية فعلا وتركا فأما الواجبات الشرعية فقد قال أصحابنا ليست المعرفة بلفط فيها لأن من حق اللطف أن يكون زائدا على التمكين والتكاليف الشريعة لايمكن تأديتها إلا بعد المعرفة فإن من المعلوم أن عبادة من لا يعرفه غير ممكنة إذ هي أقصى غاية الخضوع والتذلل للغير ولايمكن ذلك إلا مع معرفته وكذلك التكالف العقلية العلمية حكمها أحكم التكاليف الشرعية وهي العلم بمسائل التوحيد والعدل فإنه لايمكن تأديتها إلا مع المعرفة.

قوله: إن اللطف في الحقيقة هو: العلم بأن هذا الفعل ما يستحق عليه الثواب إلى آخره. إنما لم يجعل اللطف العلم باستحقاق الثواب والعقاب كما ذكره السيد الإمام لأن ذلك اعترض بأن من أصولكم أن اللطف إذا كان معلوماص فاللطف نفس المعلوم وإن كان مظنونا فاللطف هو الظن إذ المظنون قد يكون لاثبوت له فكان الظن اللطف فيلزم على هذا الأصل أن يكون اللطف نفس الثواب والعقاب لأنهما معلومان ولايصح أن يكونا لطفا لتأخرهما عن فعل ما كلف المكلف به، ومن حق اللطف التقدم على الملطوف، فحينئذ جعل اللطف ما ذكره ولايلزم عليه ما لزم على جعله للعلم باستحقاق الثواب.

قوله: لكن لما لم يتم إلا بمعرفة المثيب المعاقب سمي الجميع لطفا.

পৃষ্ঠা ১৬৩