على النتيجة: «لقد خرجت فرنسا منتصرة إلا أن المجد الحقيقي بقي في الريف». وفي الصحافة العالمية كان الحديث باستمرار حول الجمهورية الريفية. وكان ذلك يثير حنق وغضب مؤيدي أسرة (لويس بيرتران Louis Bertrant) في فرنسا وفي (Navarre) وخاصة في الجزائر.
على كل حال فأحداث الريف كانت تملأ نفوسنا في مقهى بن يمينة. وتثير فينا مشاعر يأخذ بي عنفها.
كانت صحيفة (الإنسانية L’Humanité) بالنسبة لي المهدّئ الوحيد، إذ كان (كاشان وفايان كوتورييه Cachin et Vaillant Couturier) يصبان فيها دائمًا هجومهما ولعناتهما التي تخفف عن نفسي.
وبدأت فكرة غير واضحة في ذهني وذهن صديقي (شوات) إذ كان شريكي في هذه الانفعالات؛ الفكرة هي المالتحاق بصفوف (الريفيين). وهكذا بدأنا نرسم الخطط لاجتياز الحدود عبر الشمال من وهران، إلا أن مشاريعنا كانت تفشل لسبب أو لآخر.
إني لا أعلم إذا كان للاستعمار طالع في برج السماء، إلا أني أعلم أنه في تلك السنة ١٩٢٤ - ١٩٢٥ كنا نعيش في ظل طالع الاستعمار.
لقد زعزعت حرب الريف مواقف حديدية في فرساي ١٩١٩. فقد أثبت الأمير عبد الكريم أن امبراطورية استعمارية يمكن النيل منها. لذا كان لابد من رأب الصدع المعنوي الذي أحدثه (الأمير الريفي) مع حفنة من الرجال في هيبة الأمم الاستعمارية. لقد فكر بذلك السياسيون في باريس وربما في لندن أيضًا.
كانت هناك الجولة الصفراء والجولة السوداء. وكلا الجولتين خرجتا من باريس: واحدة نحو طهران بغية الوصول إلى شنغهاي عبر آسيا، والثانية نحو الجزائر وصولًا إلى الكاب أي عبر إفريقيا بأكملها.