49

Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript

مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

প্রকাশক

عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري

প্রকাশনার স্থান

https

জনগুলি

وهو مظنَّة المشقَّة الَّتي هي مظنَّة سلب الخشوع فناسب ألَّا يُصلَّى فيها، لكن يردُّ عليه أنَّ سجرها مستمرٌّ في جميع السنة، والإبراد مختصٌّ بشدَّة الحرِّ فيها متغايران، فحكمة الإبراد دفع المشقَّة، وحكمة الترك وقت سَجْرها لكونه وقت ظهور أثر الغضب، والله أعلم. انتهى. قوله: (مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) -بفتح الفاء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره حاء مهملة- وهو سطوع الحرِّ وفورانه، وقال شيخنا: فيح جهنم سِعَة انتشارها وتنفُّسها، ومنه: مكان أفيح، أي متسع، وهذا كناية عن شدِّة استعارها. انتهى. ويقال بالواو: فَوَح، وفاحت القدرة تفوح إذا غلت، وقال ابن سيده: فاح الحرُّ يفيح فيحًا سطع وهَاجَ، قال شيخنا: وظاهره أنَّ مَثار وهج الحرِّ في الأرض من فيح جهنَّم حقيقة، وقيل: هو من مجاز التشبيه، أي كأنَّه نار جهنَّم في الحرِّ، والأوَّل أولى، ويؤيِّده الحديث الآتي: «اشتكت النَّار إلى ربِّها، فأذِّن لها بنفسين» وسيأتي البحث فيه. انتهى. وأما لفظ جهنَّم فقد قال قُطْرُب: زَعَمَ يُونُس إنَّه اسم أعجمي، وفي «الزاهر» لابن الأَنْباري: قال أكثر النَّحويين: هي أعجميَّة لذا لا تجري للتعريف والعجمة، وقيل: إنَّه عربي، ولم تجرِ للتعريف والتأنيث، وفي «المغيث»: هي تعريف (^١) كهنَّام بالعبرانيَّة، وذكره في «الصِّحاح» في الرُّباعي ثمَّ قال: هو ملحق بالخماسي لتشديد الحرف الثالث، وفي «المحكم»: سُمِّيت جهنَّم لبعد قعرها، ولم يقولوا فيها: جهنام، ويقال: بئر جهنام بعيدة القعر، وبه سُمِّيت جهنَّم، وقال أبو عمرو: جهنام اسم وهو الغليظ البعيد القعر. انتهى. فيه: الأمر بالإبراد في صلاة الظهر، واختلفوا في كيفيَّة هذا الأمر، فحكى القاضي عياض وغيره: أنَّ بعضهم ذهب إلى أنَّ الأمر فيه للوجوب، وقال شيخنا: وغفل الكِرْماني فنقل الإجماع على عدم الوجوب، قال العَيني: لا يقال: إنَّه غفل، بل الذين نقل عنهم فيه الإجماع كأنَّهم لم يعتبروا كلام من ادَّعى الوجوب فصار كالعدم، وأجمعوا على أنَّ الأمر للاستحباب، قال شيخنا: والأمر بالإبراد أمر استحباب، وقيل: أمر إرشاد، وقيل: بل هو للوجوب. وقال جمهور أهل العلم: يستحبُّ تأخير الظهر في شدَّة الحرِّ إلى أن يبرد الوقت وينكسر الوهج، وخصَّه بعضهم بالجماعة، فأما المنفرد فالتعجيل في حقِّه أفضل، وهذا قول أكثر المالكيَّة والشافعي، لكن خصَّه أيضًا بالبلد الحارِّ، وقيد الجماعة بما إذا كانوا ينتابون مسجدًا من بُعد، فلو كانوا مجتمعين أو كانوا يمشون في كُنٍّ فالأفضل في حقِّهم التعجيل، والمشهور عن أحمد التسوية من غير تخصيص ولا قيد، وهو قول إِسْحاق والكوفيين وابن المنذر، واستدلَّ له التِّرْمِذي بحديث أبي ذرٍّ الآتي بعد هذا؛ لأنَّ في روايته أنَّهم كانوا في سفر، وهي رواية للمصنِّف أيضًا ستأتي قريبًا، قال: فلو كان على ما ذهب إليه الشافعي لم يأمر بالإبراد لاجتماعهم في السَّفر وكانوا لا يحتاجون إلى أن ينتابوا من البعد، قال التِّرْمِذي: والأوَّل أولى بالاتباع. وتعقَّبه الكِرْماني بأن العادة في العسكر الكثير تفرُّقهم في أطراف المنزل للتخفيف وطلب المرعى، فلا نسلِّم اجتماعهم في تلك

(^١) كذا في الأصل، ولعل الصواب: تعريب.

الحال. انتهى. قال شيخنا: وأيضًا فلم تجر عادتهم باتِّخاذ خِباء كبير يجمعهم، بل كانوا يتفرَّقون في ظلال الشجر، وليس هناك كنٌّ يمشون فيه، فليس في سياق الحديث ما يخالف ما قاله الشافعي، وغايته إنَّه استنبط من النصِّ العامِّ - وهو الأمر بالإبراد - معنى يخصِّصه، وذلك جائز على الأصحِّ في الأصول، لكنَّه مبني على أنَّ العلَّة في ذلك تأذِّيهم بالحرِّ في طريقهم، وللمتمسِّك بعمومه أن يقول: العلَّة فيه تأذِّيهم بحرِّ الرمضاء في جباههم حالة السجود، ويؤيِّده حديث أنس: «كنَّا إذا صلَّينا خلفَ النَّبِيِّ ﷺ بالظَّهائرِ سجدنا على ثيابِنا اتِّقاءَ الحرِّ» وسيأتي قريبًا. والجواب عن ذلك: أنَّ العلَّة الأولى أظهر، فإن الإبراد لا يزيل الحرَّ عن الأرض، وذهب بعضهم إلى أنَّ تعجيل الصَّلاة أفضل مطلقًا، وقالوا: معنى (أَبْرِدُوا): صلُّوا في أوَّل الوقت، أخذًا من برد النَّهار وهو أوَّله، وهو تأويل بعيد، ويرده قوله: (فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) إذ التعليل بذلك يدلُّ على أنَّ المطلوب التأخير، وحديث أبي ذرٍّ الآتي صريح في ذلك حيث قال: (انتظر)، والحامل لهم على ذلك حديث خباب «شَكَوْنَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ ﷺ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمِ يُشْكِنَا» أي لم يزل شكوانا، وهو حديث صحيح رواه مسلم، وتمسَّكوا أيضًا بالأحاديث الدالة على فضيلة أوَّل الوقت، وبأنَّ الصَّلاة حينئذ أكثر مشقَّة فتكون أفضل. والجواب عن حديث خَبَّاب: إنَّه محمول على أنَّهم طلبوا تأخيرًا زائدًا عن وقت الإبراد، وهو زوال حرِّ الرمضاء، وذلك قد يستلزم خروج الوقت، فلذلك لم يجبهم، أو هو منسوخ بأحاديث الإبراد؛ فإنها متأخِّرة عنه، واستدلَّ له الطَّحاوي بحديث المغيرة بن شُعْبَة قال: (كنَّا نصلِّي معَ رسولِ اللهِ ﷺ الظُّهرَ بالهاجرةِ، ثمَّ قالَ لنا: أبردوا بالصَّلاة) الحديث، وهو حديث رجاله ثقات، رواه أحمد وابن ماجَهْ وصحَّحه ابن حبَّان، ونقل الخَلَّال عن أحمد إنَّه قال: هذا آخر الأمرين من رسول الله ﷺ، وجمع بعضهم بين الحديثين بأنَّ الإبراد رخصة والتعجيل أفضل، وهو قول من قال: إنَّه أمر إرشاد، وعكسه بعضهم فقال: الإبراد أفضل، وحديث خباب يدلُّ على الجواز. والجواب عن أحاديث أوَّل الوقت: إنَّها عامَّة أو مطلقة، والأمر بالإبراد خاصٌّ، ولا التفات إلى من قال: التعجيل أكثر مشقَّة فيكون أفضل؛ لأنَّ الأفضليَّة لم تنحصر في الأشقِّ، بل قد يكون الأخفُّ أفضل كما في قصر الصَّلاة في السَّفر. انتهى. قال العَيني: فإن قلت: ما القرينة الصارفة للأمر عن الوجوب وظاهر الكلام يقتضيه؟ قلت: لما كانت العلَّة فيه دفع المشقَّة عن المصلِّي لشدَّة الحرِّ، وكان ذلك للشفقة عليه فصار من باب النَّفع له، فلو كان للوجوب يصير عليه ويعود الأمر على موضعه بالنَّقض. وقال شيخنا: وحديث خَبَّاب هو الصارف للأمر عن الوجوب، كذا قيل، وفيه نظر؛ لأن ظاهره المنع من التأخير، وقيل: معنى قول خَبَّاب: (فَلَمْ يُشْكِنَا) أي لم يحوجنا إلى شكوى بل أذَّن لنا في الإبراد. حُكِي عن ثعلب، ويردُّه أنَّ في الخبر زيادة رواها ابن المنذر بعد قوله: (فَلَمْ يُشْكِنَا) وقال: «إِذَا زَالَتِ الشَّمس فَصَلُّوا». انتهى. وفي «التَّوضيح»:

1 / 49