পৃথিবীর একমাত্র পুরুষের মৃত্যু
موت الرجل الوحيد على الأرض
জনগুলি
تنهد شيخ الخفر من تحت عباءته وهو يتثاءب: الأعمار بيد الله يا حاج إسماعيل.
تنهد الآخر من تحت غطائه: نعم، الأعمار بيد الله.
ونام الاثنان وهما يعلمان أن الأعمار في كفر الطين في يد إله واحد يعرفانه، ويسهران معه أحيانا أمام الدكان أو في الشرفة المطلة على النيل، وأن الإله أصبح راغبا في زينب إلى حد الموت، وأنه سينالها عاجلا أو آجلا، لأنه كغيره من الآلهة لا يعترف بشيء اسمه المستحيل.
لم يلبث أن ارتفع شخيرهما من بطن الجسر، ووصل إلى أذني متولي الذي كان مختبئا في حقل الذرة، فخرج من الحقل مباشرة ناحية الجثة، ينقل قدميه على الأرض بخطوات حذرة، يضغط على قدمه اليمنى أكثر مما يضغط على اليسرى، في خطوته المميزة التي يعرفها كل أهل القرية، كخطوة الكلب الأعرج. مرض بالعظام قديم، كساح أطفال أو تسوس عظام جعل ساقا أقصر من ساق.
أصبح فوق الجسر وسقط ضوء القمر عليه فبدا رأسه كبيرا بالنسبة لجسمه، وعيناه صغيرتين بالنسبة لوجهه، وشفتاه كبيرتين بالنسبة لأنفه. تهدلت الشفة السفلى وانقلبت فظهر بطنها الأحمر الناعم فوق لحيته الطويلة مبللا بلعاب لا يجف.
لو رآه أطفال القرية الآن لهتفوا من خلفه: «العبيط أهه.» وقد يقذفه أحدهم بحجر، أو يشده من طرف جلبابه، لكنه يظل سائرا غير مكترث بهم، لعابه يجري من زاوية فمه ويسقط فوق صدره، يلهث ويعرج ككلب ضال بغير صاحب. لا يراه الناس إلا سائرا من حارة إلى حارة، يتطلع إلى البيوت والوجوه بعينين مبللتين وشفتين مبللتين، وفي آخر النهار يرونه جالسا على آخر الجسر بجوار المقابر يهرش رأسه وجسده ويمسك القمل بأصابعه ويضغط عليه فوق ظفره ليقتله قملة بعد قملة.
حين تمر به واحدة من نساء القرية تقذف في حجره نصف رغيف، أو كوز ذرة، أو حبة جميز. قد تلمسه واحدة منهن بكفها وهي تقول: «بركاتك يا شيخ متولي.» فيكف لحظة عن الهرش أو تقتيل القمل ويرفع يده ويمسك يدها أو كتفها أو ساقها، ما تصل إليه يده يمسكه ويضغط عليه ثم يتمتم ببضع كلمات لا يفهمها أحد ولعابه يجري كالخيط الأبيض الرفيع فوق لحيته الطويلة السوداء.
لمسته مرة امرأة مشلولة فشفيت، ورجل أعمى فأبصر، وقالوا إنه حبيب الله، يعرف المرض ويعرف الغيب، أعطاه الله سره، والله يعطي سره لأضعف خلقه، وسموه الشيخ متولي.
لكن الحاج إسماعيل، حلاق الصحة، كان يسميه متولي المجذوب، والشيخ زهران شيخ الخفر يسميه متولي المقمل، وأطفال القرية يسمونه متولي العبيط. أما هو فلم يكن يعرف سوى أنه متولي ابن الشيخ عثمان الذي كان يقرأ القرآن على أرواح الموتى في المقابر، ثم مات وترك له عمامة وقفطانا مهلهلا، ومشنة خبز خالية من الخبز، ومصحفا قديما ممزق الغلاف.
تلفت حوله وهو يسير بخطوات حذرة سريعة، فيها عرج خفيف يقل كثيرا عن العرج الذي يمشي به أمام أهل القرية، وعيناه أيضا فيهما نظرة ثابتة مركزة لم يرها أحد من قبل، وشفته السفلى لم تعد متدلية ولا مبللة ولا يمكن لأحد من القرية لو رآه الآن أن يتعرف عليه.
অজানা পৃষ্ঠা