প্রাচীন মিশরের বিশ্বকোষ (প্রথম পর্ব): প্রাক-ইতিহাস যুগ থেকে ইহনাসী যুগের শেষ পর্যন্ত
موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي
জনগুলি
اسم الملك «منتوحتب» مكتوبا بجميع ألقابه الخمسة.
الفصل التاسع
مقاطعات القطر المصري منذ أقدم العهود
في عصور ما قبل التاريخ لم تدلنا الآثار دلالة واضحة على أن القطر المصري كان مقسما إلى قبائل متميز بعضها عن بعض، ولكنا نشاهد من ناحية أخرى عند انبثاق فجر التاريخ وظهور الكتابة ما يدل على أن القطر المصري كان مقسما إلى مقاطعات معلمة، وبقيت على حالتها الأولى، لم يدخل عليها تغيير جوهري منذ بدء نشأتها، اللهم إلا من العصور المتأخرة والعهد الإغريقي الروماني فقد حدثت تغييرات محسوسة.
وكان المصريون يسمون المقاطعة في لغتهم «سبات»، وهذه اللفظة مشتقة من فعل «سب» أي يقسم، وهذا الاسم المصري يقابله لفظة «نوم» التي أطلقها اليونان على المقاطعة، ومن ذلك يتضح أن كلمة مقاطعة معناها في الأصل «قسم»، وهو في الواقع إقليم من الأرض مستطيل الشكل، ويعبر عنه في اللغة المصرية بشكل مستطيل مقسم بخطوط متقاطعة تكون زوايا مستقيمة هكذا .
ومما يدهش في التاريخ المصري أننا نرى نظام القبائل غير موجود عند انبثاق فجر التاريخ في الوقت الذي يسود فيه نظام المقاطعات في البلاد، وهنا يجب أن نميز بين القبيلة والمقاطعة، فالقبيلة مجموعة من الناس تربطهم صلة القرابة وتمجيد الجد الأصلي، ثم السيد والرمز الديني، وأفراد القبيلة قد يكونون من البدو الرحل أو من أهل الحضر، وليس من الضروري أن يكون ساكن الإقليم منتسبا إلى قبيلة ما في نفس هذا الإقليم. أما المقاطعة فعلى العكس من ذلك مساحة معينة محدودة من الأرض، وليست مجموعة من السكان، وكثيرا ما يكون سكانها خليطا من الناس، ومنذ ظهر تقسيم البلاد المصرية إلى مقاطعات لم نجد فيها أثرا ظاهرا لنظام القبائل الذي كان بطبيعة الحال سائدا أنحاء القطر، ومنذ بداية التاريخ نجد أن كل طائفة من السكان كانت تجتمع على رقعة من البلاد لتستثمرها، فكان لزاما أن يقسم الوادي إلى مناطق استغلال آلت فيما بعد إلى نظام المقاطعات، وقد أصبحت المقاطعة - أو بعبارة أخرى المكان المعين الذي يستغل - مقدمة عند السكان على أي اعتبار آخر من عصبية أو نسب أو غير ذلك، ولا شك أن السبب في تلاشي نظام القبائل في البلاد يرجع إلى النزاع الذي كان قائما بين الوجهين القبلي والبحري، وهو الذي نشأت من أجله حروب طاحنة اشتعلت نارها مئات السنين وانتهت أخيرا بتوحيد القطرين تحت سلطان ملك واحد، وكان في ذلك القضاء المبرم على نظام القبائل وتلاشيها، وإن كان بعض آثارها الطفيفة لا يزال باقيا على نحو ما في المقاطعات كما سنفسر ذلك في حينه، وتحتوى كل مقاطعة على إقليم من الأرض له حاضرته، ولم تكن الحواضر وقتئذ تمتاز عن البوادي، فلا تخرج عن كونها مكانا مخصبا يسكنه الفلاحون والرعاة والصيادون الذين يعيشون على ما تخرجه الأرض، ويقضون سحابة يومهم في الحقول، ثم يعودون كل مساء إلى منازلهم، كما يسكنها الصناع والتجار وأصحاب الحرف ورجال الإدارة والموظفون والحكام على اختلاف أنواعهم.
وكانت المدينة «نوت» في عرفهم في ذلك الوقت تتألف من مبان تقام عند ملتقى الطرق، كما تشير إلى ذلك العلامة التي يرمز بها للمدينة في لغة القوم ، وتحوط بسياج مستدير وتتألف من عدة أكواخ من الطين واللبن، يأوي إليها الحراثون والرعاة والمسافرون في المساء خوفا من مباغتات أهل البادية الرحل الذين احترفوا هذا العمل واتخذوه مهنتهم طول حياتهم، وكانت تقام في المدينة مخازن عظيمة الحجم للغلال، وأخرى تحفظ فيها الآلات الزراعية وحظائر للماشية، ومصانع لأصحاب الحرف والصناعات، وكذلك كانت تبنى فيها حوانيت للتجارة حول ميدان عام لتكون بمثابة سوق يعرض فيه التجار ما لديهم من السلع والمحاصيل والمأكولات التي تنتجها الأرض.
وفي المدينة يشيد مبنى عظيم شامخ الجدران يشرف على ما حوله، ذلك هو قصر الإله «حت نتر» وهو ما يسمى بالمعبد، وكان يقام خاصة لآلهة المقاطعة، ويشمل داخله الرحب المخازن المقدسة ومساكن رجال الدين، وهناك قصر آخر فسيح الأرجاء شامخ البناء بالنسبة لما حوله من بيوت عامة الشعب، أقيم خاصة للفرعون أو لحاكم المقاطعة وذلك حسب العصور التاريخية. يضاف إلى هذا دور حكومة الفرعون، أو حاكم المقاطعة الذي نصب للفصل في أمور الناس ولمراقبة الضرائب وشئون الزراعة، ومخازن الحكومة وخزانتها، والسجون وغير ذلك، فكانت تقام في جهات مختلفة في المدينة حسبما تقضي به الحال.
وكان الفرعون أو الحاكم عندما يريد تأسيس مدينة جديدة يفصلها عن جارتها، ويضع لكل حدودها بإقامة لوحة ثابتة كالسماء، كما يعبر عن ذلك المصري نفسه، وكذلك يحدد مياه كل حسبما جاء في كلامهم، ويقسم المياه والحقول والغابات والرمال حتى حدود الصحراء، وكلما ازداد عدد السكان في هذا الإقليم وامتدت فيه الأراضي الزراعية كلما فكر العمال في إقامة مدن صغيرة ثانوية أو قرى تقام فيها قصور وتنصب عليها حكام يدينون بالطاعة لحاكم المقاطعة، ومن مجموع هذه الأراضي والقرى والبلدان والعاصمة كانت تتألف المقاطعة.
ولم تكن مساحة المقاطعة في الواقع كبيرة؛ إذ كانت تتراوح بين 30 و40 ميلا في الطول، أما عرضها فكان يتوقف على البقعة التي تقع فيها بالنسبة للوادي وخصبه، فإذا كان ضيقا فإن المقاطعة تمتد على كل شاطئ النيل من صحراء العرب إلى صحراء لوبيا، أما إذا كان الوادي متسعا فإن المقاطعة تنحصر في شاطئ واحد ويكون آخر حدودها مجرى النهر نفسه، وكانت لذلك تحد بخط وهمي يمر وسط مجرى النيل.
অজানা পৃষ্ঠা