تَقْدِيم [الْمُحَقق]
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله.
وَبعد ... مَعْلُوم أَن الْإِسْلَام عقيدة وَعَملا قَامَ على دعامتين أساسيتين، هما كتاب الله تَعَالَى وَسنة نبيه الْكَرِيم، وَالسّنة فِي ذَاتهَا تبيان للْكتاب وتطبيق لَهُ.
وَكَانَ الرَّسُول الْكَرِيم عَلَيْهِ صلوَات الله تَعَالَى بِمَا أُوتى من جَوَامِع الْكَلم وبليغ القَوْل يُؤدى عَن ربه، تَفْصِيلًا لما أجمل من قُرْآن، أَو تَصْرِيحًا عَن أَمر ألمح إِلَيْهِ الْوَحْي، أَو إِجَابَة عَن تساؤل تحيرت فِيهِ أفكار النَّاس، أَو تَعْبِير عَن إحساس عميق بحقائق هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا، وَمَا هُوَ كَائِن بعْدهَا من
أَحْدَاث..وَكَانَ لتعبيره ﷺ نمط فريد، جمع بَين ملاحة الْعبارَة وتآلف كلماتها، وتجاذب أصواتها، وشمول مَعْنَاهَا، وعمقه ودقته..بِحَيْثُ تتْرك من آثارها فِي نفس السَّامع، حقائق مُسْتَقِرَّة، مريحة.
توقظ المشاعر، وتتمزج بالفطرة، وتتغلغل فِي أعماقها.
كَانَ لحديثه ﷺ نمط فريد، اخْتصَّ بِهِ ﵇.
جمع بَين الإيجاز فِي اللَّفْظ، والوضوح المفعم بالإحساس، وَالْجمال فِي التَّعْبِير، والحلاوة فِي الْإِيقَاع.
وَلم يكن لأحد من فحول الشُّعَرَاء، ومصاقع الخطباء، ومشاهير البلغاء، من الْقُدْرَة، أَو الموهبة، مَا يُعينهُ على أَن ينسج على منواله فِي أَحَادِيثه ﵊ وأكثرها على البديهة.
فَكيف بِالَّذِي قَالَه ﵇ على الروية.
! وهيهات.
للذى تقدم من الشَّرْح يرغم عدم التدوين (١) إبان حَيَاته الْمُبَارَكَة - حفظ
_________
(١) الْمَقْصُود بالتدوين لَيْسَ مُجَرّد الْكِتَابَة، بل التَّأْلِيف المبوب المنظم.
(*)
1 / 3