فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه. فمتى جاء صاحب الكرم، فماذا يفعل بأولئك الكرامين؟ قالوا له: إنه يهلك أولئك الأردياء هلاكا رديئا، ويسلم الكرم إلى كرامين آخرين يعطونه الأثمار في أوقاتها، قال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب أن الحجر الذي رفضه البناءون قد صار رأس الزاوية؟ من قبل الرب كان هذا، وهو عجيب في أعيننا؛ لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره، ومن سقط على هذا الحجر يترضض، ومن سقط هو عليه يسحقه. ولما سمع الكهنة والفريسيون أمثاله عرفوا أنه تكلم عليهم، وإذ كانوا يريدون أن يمسكوه خافوا من الجموع؛ لأنه كان عندهم مثل نبي.»
هذا المثل يبحثه كتاب المقدمة لترجمة القرآن فيقولون: إن السيد قد لخص به تاريخ الأنبياء والرسل أجمعين؛ فالكرم هو الدنيا، والكرامون العاملون فيه هم الجنس البشري الكادح في دنياه، والثمرات التي يريد صاحب الكرم أن يحصلها هي ثمرات الفضيلة والخير والتقوى، والخدم الموفدون من صاحب الكرم إلى الكرامين هم الرسل والأنبياء، ولما جاءهم السيد المسيح بعد إعراضهم عن الرسل والأنبياء، فغدروا به وأنكروه، عوقبوا بتسليم الكرم إلى كرامين آخرين، ونزع ملكوت الله منهم لتعطاه الأمة الأخرى الموعودة بالبركة مع أمة إسحاق، وهي أمة إسماعيل ونبيها العظيم محمد - عليه السلام - وهو الذي يصدق عليه وعلى قومه أنهم كانوا الحجر المرفوض، فأصبح هذا الحجر زاوية البناء من سقط عليه رضه، ومن أصيب به فهو كذلك مرضوض.
وتتلو هذه النبوءة في إنجيل متى نبوءة متممة من الإنجيل نفسه، حيث جاء في الإصحاح الثالث والعشرين منه خطابا لبني إسرائيل: «هو ذا بيتكم يترك لكم خرابا؛ لأني أقول لكم: إنكم لا ترونني من الآن حتى تقولوا مبارك الآتي باسم الرب.»
وفي الإصحاح الأول من إنجيل يوحنا نبأ يحيى المغتسل، أو يوحنا المعمدان، مع الكهنة واللاويين «إذ سألوه: من أنت؟ فاعترف ولم ينكر وقال: إني لست أنا المسيح، فسألوه: إذن ماذا؟ أأنت إيليا؟ فقال: لا، قالوا: أأنت النبي؟ فأجاب: لا، فقالوا له: من أنت لنعطي جوابا للذين أرسلونا؟ ماذا تقول عن نفسك؟ قال: أنا صوت صارخ في البرية: قوموا طريق الرب كما قال أشعيا النبي.»
ويعقب أصحاب المقدمة للترجمة القرآنية على هذه النبوءات؛ فيقولون: إنها كانت ثلاثا في عصر الميلاد المسيحي، كما هو واضح من الأسئلة والأجوبة: نبوءة عن عودة إيليا، ونبوءة عن مولد السيد المسيح، ونبوءة عن نبي موعود غير إيليا والسيد المسيح.
ولقد أعلن السيد المسيح، كما جاء في الإصحاح الحادي عشر من إنجيل متى، «أن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبئوا، وإن أردتم أن تقبلوا، فهذا - أي يحيى المغتسل - هو إيليا المزمع أن يأتي.»
وواضح من الإصحاح الأول من إنجيل لوقا أن الملك بشر زكريا بأن امرأته ستلد له ولدا وتسميه يوحنا، «وأنه يكون عظيما أمام الرب لا يشرب خمرا ولا مسكرا، ويمتلئ من بطن أمه بالروح القدس، ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم، ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته؛ ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء».
وفي الإصحاح التاسع من إنجيل مرقس يقول السيد المسيح: «إن إيليا أيضا قد أتى، وعملوا به كل ما أرادوا كما هو مكتوب عنه.»
ويتكرر ذلك في إنجيل متى إذ يقول: «إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا.»
فالنبي إيليا قد تقدم إذن في عصر الميلاد، وقد جاء فيه المسيح أيضا، ثم بقى ذلك النبي الموعود، ولم يظهر بعد السيد المسيح نبي صدقت عليه الصفات الموعودة غير محمد - عليه السلام - وكلام السيد المسيح في الإصحاح السادس عشر من إنجيل يوحنا يبين للتلاميذ «أنه خير لكم أن أنطلق؛ لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم، ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطيئة، وعلى بر، وعلى دينونة. فأما على خطيئة فلأنهم لا يؤمنون بي، وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضا، وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين، وإن لدي أمورا كثيرة أقولها لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوها الآن، وأما متى جاء ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى الحق جميعه؛ لأنه لا يتكلم من نفسه ، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية. وذاك يمجدني؛ لأنه يأخذ مما لي ويخبركم، وكل ما للأب فهو لي؛ لهذا قلت: إنه يأخذ مما لي ويخبركم، وبعد قليل لا تبصرونني ...»
অজানা পৃষ্ঠা