والقضية التي وقعت فيها المنازعة، وكثرت فيها المراجعة، حرمة المغرم المسمى بافريقية في هذه الأعصر بالخطايا، المتضمن لأجناس البلايا(¬1)وأنواع الرزايا، وهو عبارة عن أخذ المال من ذوي الجنايات، كالفتل والجرح والقطع والسرقة، وسائر الفواحش، كم عطل بسببه من الحدود التي وصف الرب سبحانه بالظلم متعديها، وتتبع لأجله من العورات التي اشتد وعيد متتبعها ومبديها، وتطرق منه إلى اتهام الرئ، وبحث لأجله على المستور والخفي، واجترأ ذو السعة بها على الشهوات، وهناك ما شاء من الآيات، وأخذ فيها بقول قائل، وتوصل إليها مما ليس تحته طائل، وطلت بها الجراح والدماء، وصار الحكام من أجلها في عمى وعمه. لطالما اشتدت إليها الأطماع، واشتهرت حتى قدرت بالمد والصاع، وأخذ فيها الجر بالجار، والمتبوع بالاتباع، وصارت سنن وأحكام الشريعة فيها ابتداع، كأن لم يقرع نهي الله سبحانه عن أكل المال بالباطل قط الاسماع، ولم يجمع بينه وبين القتل في النهي حتى لم يبق فيه اتساع. وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما عظم تحريمه بمحضر الاشهاد في خطبة حجة الوداع، وكأن المال لم يجمع على تحريمه على كل التقدير والأوضاع، وكأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم، إلا بحقها وحسابهم على الله"(¬2)، وقد انعقد على صحته الإجماع. لكن منع عين الحرص يعوذ الشعاع، وحب الشيء يعمي الابصار ويصم الاسماع، وما لما رفعه الله من واضع، وما لما وضعه الله من ارتفاع.
পৃষ্ঠা ৮৬