قال في (المزْهِر) (١): "وكان ممن اشْتُهر بالكتابة من عظماء الصحابة عمر وعثمان وعلى وطلحة وأبو عبيدة من المهاجرين. وأُبّى بن كعب وزيد بن ثابت من الأنصار وغيرهم" اهـ.
ولكنَّ معرفةَ شِرْذمةٍ (٢) قليلة من قريش للكتابة لا تنفى عن العرب الأُمّيَّة التي وصفهم الله بها في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [الجمعة: ٢] هذا ما يتعلق بوجود الكتابة بمكة.
[كَتَبة الوحى]:
وأما المدينة المنورة -على ساكنها وآله وأصحابه وأتباعهم أفضل التحايا- فلم تكثر الكتابة العربية فيها إلا بعد الهجرة بأكثر من سنة؛ وذلك أنه لما أَسرتِ الأنصارُ سبعين رجلًا من صَناديد قريش (٣) وغيرهم في غزوة بدر السنة الثانية من الهجرة: جعلوا على كل واحد من الأَسْرى فِداءً من المال، وعلى كل مَن عَجَزَ عن الافتداء بالمال أن يُعلِّم الكتابةَ لعشرةٍ من صبيان المدينة، فلا يُطلقونه إِلا بعد تَعْليمهم. فبذلك كثرت فيها الكتابة، وصارت تنتشر في كل ناحية فتحها الإِسلام في حياته ﵇ وبعده كما في (السيرة) (٤) حتى بلغت عِدَّة كُتَّابه ﵇ ثلاثة وأربعين رجلًا.
وقد ألف بعضهم (رسالة) في أسمائهم، كذا في (الشهاب) على (الشِّفا) (٥).
_________
(١) المزهر جـ٢ ص٣٥١.
(٢) الشِّرذْمة: القليل من الناس وقيل: الجماعة من الناس القليلة (لسان العرب -شرذم).
(٣) صناديد قريش: أشرافهم وعظماؤهم (لسان العرب -صندد).
(٤) السيرة الحلبية جـ ٢ ص٤٥١.
(٥) أي في حاشية الشهاب الخفاجي على كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض (ستأتي ترجمته قريبًا ص ٦٢ حاشية ٦) وهي المسماة "نسيم الرياض في شرح =
1 / 56