لا لعدم كونه قادرا بل لامتناع الفعل.
وإذا ثبت ذلك ، فاعلم أنه تعالى لا يفعل القبيح ، ولا يخل بالواجب ، لأنه عالم بقبح القبيح وعالم باستغنائه عنه ، وكل من كان كذلك فإنه لا يحتاج [إلى] فعله. ولأن القبيح لا يفعله إلا مضطر إليه غير مستغن بالحسن عنه ، فإن من أراد الوصول إلى غرض ، وأمكن الوصول إليه بالحسن أو القبيح على حد سواء ، فإنه لا يتوصل إليه بالقبيح والحال هذه ، والعلم بذلك ضروري. وأما الحسن فإنه يفعل لحسنه كما يفعل للحاجة إليه ، ألا ترى أن الإنسان قد يرشد الضال من غير أن يعرفه ، ولا يكون راجيا للنفع الدنياوي من شكر ولا غيره ، ولا للاخروي بأن يكون لا يعتقده ، ولا وجه يبعث على فعله إلا حسنه لا غير.
وإذا تلخصت هذه الجملة ، تبين أن الله سبحانه لا يكلف ما لا يطاق ، لقبحه ، ولا يريد المعاصي من أفعال عباده ، لأن إرادة القبيح مساوية للقبيح في القبح ، فكما لا يقع منه فعل القبيح لقبحه وكذلك يجب [أن] لا يريده.
وأفعال الله سبحانه من خير وشر مقضية ، ويجب الرضا بها ، وأفعال العباد مقضية ، لا بمعنى (89) أنها مخلوقة لله سبحانه ، بل بمعنى أنها مأمور بالطاعات منها ، (90) أو بمعنى أنه أعلمنا ما فيها من ثواب وعقاب ، فإن القضاء قد يكون بمعنى الإعلام كقوله : ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ) (91) أي أعلمناهم.
পৃষ্ঠা ৯০