ومنهم الشيخ منصور بن علي السطوحي المحلي، نزيل مصر، ثم القدس، ثم دمشق. الشافعي العالم الكامل، صحب في مصر الشيخ مبارك، وأخذ عنه طريق السادة الشاذلية، وسلك مسالك القوم وهجر المألوف من المأكول والنوم، وجاهد وشاهد وجاور بالجامع الأزهر.
من مشايخه نور الدين الزيادي، والشيخ أحمد الغنيمي، والشيخ أبو بكر الشنواني، والقاضي يحيى الشامي الحنبلي، والشيخ إبراهيم اللقاني، والشيخ يوسف الزرقاني، والشيخ سالم الشبشيري، والشيخ سليمان البابلي، والشيخ محمد الجابري، وعبد الله الدنوشري، والشيخ سراج الدين الشنواني، والشيخ عبد المنعم بن الشيخ طه المالكي، والشيخ محمد القصري، والشيخ محمد الكلبي، والشيخ محمد البكري، والشيخ محمد بن الشاشي، والشيخ حجازي الواعظ، وهو أولهم ومن أولهم أيضا الذي اشتهر أنه يقرئ الجن الشيخ ياسين المالكي، والشيخ موسى الدهشيتي، والشيخ إبراهيم العمري، والشيخ محمد الخباز، والشيخ مجد الدين المنزلاوي، والشيخ محمد الخوانكي وغيرهم من مصريين وحجازيين وآفاقيين.
وأقام بالقدس معتكفا على العبادة، وتلاوة كلام الله تعالى، وإلقاء حديث النبي ﷺ، فحسده أهل القدس على حبه الخفاء وشهرته تأباه، وإقبال الكبراء والأعيان عليه، وأظهروا عليه الشرور، وأسندوا إليه أمورا هو منها بريء فهاجر إلى دمشق فاستقبله أهل الشام الاستقبال الكلي، وأقام بالصابونية قرب باب النصر يقصد ويزار، وعكفوا عليه واعتقدوه وأحبوه ورغب الناس في حفظ القرآن في مدته حتى صاروا أكثر من أربع مئة نفر بنفسه المبارك. وكانت الحكام تأتي إلى منزله يلتمسون منه الدعاء، وتحمل إليه الأطعمة والهدايا والإحسانات، لا يدخر منها شيئا، وكان كثيرا ما يحج في غالب السنين، وحج في سنة ١٠٦٥ للهجرة وجاور بالمدينة تلك السنة وهي السنة التي مات فيها وكانت وفاته في ٢١ رمضان سنة ١٠٦٦ ودفن بالبقيع بالقرب من مرقد سيدنا إبراهيم ابن النبي ﷺ. تجاه الباب من قبر الخياري والشيخ غرس الدين الخليلي.
هذا وقد كان جامعا بين الطريقة والشريعة، ما رأت عيناي مثله في كل علم، إذا تكلم في علم من العلوم قلت: لا يعرف غيره، على الخصوص علم التصوف علما وتعليما وتخلقا وتحققا، وعلم العقائد وعلم المعاني والبيان وباقي علوم العربية بأسرها. وعلم الحديث رواية ودراية.
وقد قرأت عليه ألفية ابن مالك في النحو وشروحها كالمرادي وابن المصنف، وشرح التوضيح، وتلخيص المعاني للخطيب القزويني، والسنوسية وشرحها، وجوهرة التوحيد وشرحها المختصر. وحضرت قراءة أخينا الشيخ حمزة عليه رسالة القشيري في التصوف. وحضرت قراءة أخينا الشيخ كريم العطار الجامع الصغير. وقرأت عليه كتاب الحكم لابن عطاء الله الإسكندري وشروحه وغير ذلك، وشرح العقائد للسعد، والقاضي زكريا على إيساغوجي، وغير ذلك مما لا يحضرني من المطولات والمختصرات. وأرشدني لحفظ القرآن فجزاه الله عني خير الجزاء خير ما جازى شيخا عن تلميذه ومعلما عن معلمه. وكثيرا ما كان يدعو لي. جزاه الله خيرا بقوله: الله يا ولد يزيدك توفيقا. وأرجو الآن السعادة بدعائه ودعاء والدي آمين يا أرحم الراحمين.
الشيخ محمد بن بركات
الكوافي
1 / 4