(1) -[1] أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن بركة، إذنا، أن أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، أخبره قراءة عليه، قال: أنبا الشريف أبو الحسن محمد بن علي بن المهتدي بالله، قال: أنبا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي المقرئ، قثنا محمد بن مخلد، والحسين بن إسماعيل، قالا: ثنا أحمد بن منصور زاج، قثنا أحمد بن مصعب المروزي، قثنا عمر بن إبراهيم المدني، عن عبد الملك بن عمير، عن أسيد بن صفوان، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لما قبض أبو بكر رضي الله عنه وسجي، ارتجت المدينة بالبكاء كيوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم فجاء علي عليه السلام باكيا مسرعا مسترجعا، وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة. حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر مسجى، فقال: رحمك الله أبا بكر، كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنيسه، ومستراحه وثقته، وموضع سره ومشورته، وكنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم لله، وأعظمهم غنى في دين الله، وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدبهم على الإسلام، وأمنهم على أصحابه، وأحسنهم صحبة، وأكثرهم مناقب، وأعظمهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم وسيلة، وأشبههم هديا وسمتا، ورحمة وفضلا، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، وأوثقهم عنده، فجزاك الله عن رسوله وعن الإسلام خيرا، كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة السمع والبصر، صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبوه، فسماك الله في تنزيله صديقا، فقال: {والذي جاء بالصدق وصدق به} أبو بكر رضي الله عنه، واسيته حين بخلوا، وكنت معه عند المكاره حين عنه قعدوا، وصحبته في الشدة أكرم الصحبة، ثاني اثنين وصاحبه في الغار، والمنزل عليه السكينة، ورفيقه في الهجرة، وخليفته في دين الله وأمته، أحسن خلافة حين ارتد الناس، وقمت بالأمر ما لم يقم به خليفة نبي، فنهضت حين وهن أصحابك، وبرزت حين ضعفوا، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هموا، كنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا لم تنازع، ولم تصدع برغم المنافقين وكيد الكافرين وكره الحاسدين وضغن الفاسقين وغيظ الباغين، وقمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، ومضيت بنور الله إذ قعدوا، تبعوك فهدوا، وكنت أخفضهم صوتا، وأعلاهم فوقا، وأقلهم كلاما، وأصوبهم منطقا، وأطولهم صمتا، وأكرمهم رأيا، وأسمحهم نفسا، وأعرفهم بالأمور، وأشرفهم علما، كنت والله للدين يعسوبا، أولا حين نفر عنه الناس، وآخرا حين أقبلوا، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، ورعيت ما أهملوا، وحفظت ما أضاعوا بعلمك ما جهلوا، وشمرت حين خنعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ جزعوا، وأدركت أثار ما طلبوا، وراجعوا رشدهم برأيك فظفروا، فنالوا بك ما لم يحتسبوا، كنت على الكافرين عذابا صبا ولهبا، وللمؤمنين رحمة وأنسا وحصنا، فظفرت والله بغنائها، وذهبت بفضائلها، وأدركت سوابقها، لم تفلل حجتك، ولم يزغ قلبك، ولم تجبن نفسك، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف، وكنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله عز وجل متواضعا في نفسك عظيما عند الله، جليلا في أعين المؤمنين كبيرا في أنفسهم، لم يكن لأحد فيك مغمز، ولا لقائل فيك مهمز، ولا لأحد فيك مطمع، ولا لمخلوق عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، القريب والبعيد في ذلك سواء، أقرب الناس إليك أطوعهم لله عز وجل وأتقاهم له، شأنك الحق والصدق والرفق، قولك بحكم، وأمرك حتم، ورأيك علم وعزم، فأبلغت وقد نهج السبيل، وسهل العسير، وأطفأت النيران، واعتدل بك الدين، وقوي بك الإيمان، وسدت الإسلام والمسلمين، وظهر أمر الله ولو كره الكافرون، فجليته عنهم فأبصروا، سبقت والله سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك إتعابا شديدا، فزت بالخير فوزا مبينا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك ........ "
. ابن الليث بن سعد، وعن علي بن محمد بن علي بن أبي المضاء، عن داود بن منصور الثغري، كلاهما، عن الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد الجمحي، عن سعيد بن أبي هلال الليثي، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن عبد الله بن خباب الأنصاري، عن أبي سعيد الخدري، عن أسيد بن حضير، فوقع لنا عاليا، وباعتبار العدد، كأني سمعته من النسائي نفسه، ولقيته وصافحته، ولله الحمد والمنة.
পৃষ্ঠা ৩