(22) -[22] أخبرنا هبة الله، كتابة، قال: أخبرنا أبو مالك، قال: ثنا أحمد بن إبراهيم الحروري، قال: ذكر عن أبيه، أنه كان رجل من العرب يقال له أسد بن خزيمة يدور أحياء العرب يسأل عن امرأة تخبره عن شيئين لا يفترقان، وعن أربع لا يفترقن، وعن ثمان لا يفترقن، فإن أخبرته تزوجها على حكمها، فأعياه ذلك، فانتهى إلى رجل كبير السن قد وقع حاجباه على عينيه، فأخبره بما طلب، فقال: والله إن لي لبنية وإنها لمن أعلم من رأيت، فأمهلني حتى أدخل أسألها، فدخل إليها، فقال: بنية، إن أسد بن خزيمة من أشد العرب وأكثرهم مالا، وإنه يريد امرأة يتزوجها على حكمها إن أخبرته بشيئين لا يفترقان، وأربع لا يفترقن، وثمان لا يفترقن، فقالت: يا أبة وما تدري هذا؟ قال: لا والله يا بنية، قالت: الشيئان اللذان لا يفترقان: ثديي المرآة، والأربع أخلاف الناقة، والثمان: أطباء الكليب، فخرج فأخبره بمقالتها، قال: زوجنيها، قال: نعم، على مائة من الإبل برعاتها، قال: ذلك لك، فأقام عندهم أياما ثم رحل إلى أهله، وأرسل إلى الجارية بهدية حلة خضراء ونحي سمن مع غلام له، وقال: أقرئها السلام، وسلها عن أبيها وأمها وأختها، واحفظ ما تقول لك، فإذا الحي خلوف، فأشرفت الجارية على الغلام، فقالت: من الراكب؟ قال: رسول أسد بن خزيمة، قالت: الحبيب القريب، قال: إنه بعث إليك بهدية، وهو يسألك عن أبيك وأمك وأختك، قالت: أقرئه السلام، وأخبره أن السماء قد انشقت، وأن البحر قد نضب، وأن أبي قد ذهب يباعد قريبا ويقرب بعيدا، وأن أمي ذهبت تشق النفس بنفسين، وأن أخي قد ذهب يرعى الشمس، وأبلغه أن الثمار قد أينعت، وأن الرمان قد ملأت الكف. فأتاه الرسول، فحكى له مقالتها، فقال: أخبرتك أن أباها ذهب يحالف قوما على قومه، وأن أمها ذهبت تقبل بعض بنات عمها، وأن أخاها يرعى فإذا غابت الشمس رجع إلى أرضه بإبله، وأخبرتك أنها قد أدركت، وأنها قد نهدت، وأما قولها السماء انشقت، انشقت الحلة. قال: نعم، لبستها فعلقت بشجرة في طريقي فانشقت، وأما ما قالت في البحر فأكلت من السمن شيئا ، قال: نعم في زادي فعولت عليه. ثم تجهز بمائة من الإبل برعاتها سوى ما خرج به من ثقله وغلمانه ومتاعه، فأضلوا الطريق حتى كادت إبلهم تموت عطشا، فسنح لهم قليب، فقال: أنشد من ينزل هذا القليب، فهابه غلمانه، فقال: استبقوني فيه، فلما صار في القليب، قال غلام من غلمانه لبقية الغلمان: قد علمتم شدة ملكة أسد، وهو في هذا الموضع ترون، فهل لكم أن يأخذ كل غلام منكم بعيرين وتذهبوا أين شئتم وتدعوا لي بقية الإبل؟ قالوا: نعم، فأخذ كل واحد منهم بعيرين وتفرقوا، وتوجه الغلام بالمائة بعير فأتى منزل الجارية فلقي أباها ليلا، فقال الشيخ: من الرجل؟ قال: أسد بن خزيمة، وهذا مهر ابنتك مائة من الإبل برعاتها، فأدخلها علي الليلة، قال: حتى أستأمرها، قال: هي طالق ثلاثا إن لم تدخلها علي الليلة، فدخل عليها أبوها فخبرها، قالت: إني لأنكر هذا من فعال شريف، ولكن هيئوني له فهيئوها، فلما دنا منها، قالت له: وراءك حتى أسألك مم تختلج شفتاك، قال: من تقبيلي إياك، قالت: فمم تختلج فخذاك، قال: من توريكي إياك، قالت: فمم تختلج جنباك، قال: من احتضاني إياك، قالت: يا أهل القبة قتل العبد ربه، أبطحوه، قال: فلما وقع به العصي ما قام حتى أقر بما فعل، وساروا نحو القليب فاستخرجوه، وقد كاد يموت فأقاموا عليه حتى برئ، وأدخلوا عليه أهله، فلما دخل بها ودنا منها قالت: مم تختلج شفتاك؟ قال: من شرب المشعشعات، قالت: فمم تختلج فخذاك؟ قال: من ركوب السابقات، فقالت: فمم يختلج جنباك؟ قال: من لبس السابغات، قالت: أنت والله أسد بن خزيمة، دونك أهلك أبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله، ويعرف بابن كادش العكبري، وتوفي في سنة ست وعشرين وخمسمائة.
(23) -[23] أخبرنا أبو العز، فيما أذن لنا أن نرويه عنه، قال: أخبرنا أبو طالب العشاري، قال: أخبرنا أبو بكر بن شاذان. قال أبو العز: وأخبرنا أبو الحسين بن النرسي، قال: أنبا ابن حبابة، قالا: أخبرنا أبو القاسم بن عبد الله بن محمد البغوي، قال: ثنا عبيد الله بن محمد العيشي، حدثنا أبو المقدام هشام بن زياد، حدثنا محمد بن كعب القرظي، قال: عهدت عمر بن عبد العزيز وهو أمير علينا بالمدينة للوليد بن عبد الملك وهو شاب غليظ ممتلئ الجسم، فلما استخلف أتيته بخناصرة، فدخلت عليه وقد قاسى ما قاسى، فإذا هو قد تغيرت حالته عما كان، فجعلت أنظر إليه نظرا لا أكاد أصرف بصري عنه، فقال: إنك لتنظر إلي نظرا ما كنت تنظره إلي من قبل يا ابن كعب، قال: قلت: لعجبي، قال: وما عجبك؟ قلت: لما حال من لونك، ونفى من شعرك، ونحل من جسمك، قال: فقال: كيف لو رأيتني يا ابن كعب في قبري بعد ثالثة حين تقع حدقتاي على وجهي، وتسيل منخراي وفمي صديدا ودودا، كنت لي أشد نكرة، ثم قال لي: أعد علي حديثا حدثتنيه عن ابن عباس، قال: قلت: نعم، حدثنا ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لكل شيء شرف، وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة، وإنما تجالسون بالأمانة، ولا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث، واقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في صلاتكم، ولا تستروا الجدر بالثياب، ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار، ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه، ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من نزل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده، أفلا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من يبغض الناس ويبغضونه، قال: أفأنبئكم بشر من هذا؟ قالوا نعم يا رسول الله، قال: من لا يقيل عثرة، ولا يقبل معذرة، ولا يغفر ذنبا، أفلا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره، إن عيسى ابن مريم قام في بني إسرائيل، فقال : يا بني إسرائيل لا تكلموا بالحكمة عند الجهال فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموها، وقد قال مرة فتظلموهم، ولا تظلموا ظالما، ولا تكافئوا ظالما فيبطل فضلكم عند ربكم، يا بني إسرائيل الأمر ثلاث: أمر تبين رشده فاتبعوه، وأمر تبين غيه فاجتنبوه، وأمر اختلف فيه فردوه إلى الله "
পৃষ্ঠা ২৪