٩٢- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمُغَلِّسِ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ خَالِدٍ بْنِ عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ قُدَامَةَ النُّمَيْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبي يذكر، عن عائذ بن ربيعة القريعي، عن عباد بن زيد، عن قرة بن دعموص، عن رَسُول الله ﷺ أنه لما جاء الإسلام: أرادت بنو نمير أن تسلم، فَقَالَ مضرس بن جناب: يا بني نمير، لا تسلموا حتى أصيب مالًا، فأسلم عليه، وإنه انطلق زيد بن معاوية وبنو أخيه معه، قرة بن دعموص، والحجاج بن نبرة، وعمهما زيد، حتى أتوا النبي ﷺ يختصمون إليه وعنده الضحاك بن سُفْيَان الكلابي ولقيط بن المنتفق بن عامر العقيلي، فَقَالَ لهم رَسُول الله ﷺ: من أنتم؟ قَالَوا: نحن بنو نمير قَالَ رَسُول الله ﷺ: جئتم للإسلام؟ قَالَوا: لا، ولكنا جئنا نختصم إليك، ثم نرفع إلى قومنا، قَالَ الغلام قرة لرَسُول الله ﷺ: إن عند هذا، [٢٤/ب] يعني عمه زيدا دية أبي، فَقَالَ رَسُول الله ﷺ: أكذاك يا زيد؟ قَالَ زيد: نعم. قَالَ: ادفع إليه دية أبيه، قَالَ زيد: هل لأمي يا رَسُول الله في تراب ابنها حق؟ قَالَ: نعم. قَالَ الغلام: سأعطيها حقها يا رَسُول الله، قَالَ الحجاج بن نبرة: أما أنا فإني جئتك يا رَسُول الله بمجاهدتين يديك، قَالَ: قد قبلتهما، ارفعهما إلى الضحاك بن سُفْيَان، ثم إن القوم رجعوا إلى قومهم، قَالَ قرة بن دعموص حين دنا من الحي: يا قوم، ألحقوا فإني قد جئتكم من عند خير الناس، قَالَت بنو نمير: يازيد، ما تأمرنا فيما يَقُولُ هذا الغلام؟ قَالَ: قَالَ زيد: لولا مضرس بن جناب لأمرتكم أن تأتوه، قَالَوا للغلام: انطلق معنا، فركب معه نفر من بني نمير: قيس بن عاصم، ويزيد بن العتر، وأبو زهير الجعونيون، والحارث بن شريح الجويلقي بن ذئيب بن ربيعة بن عامر بن جويلقة، معه قرة بن دعموص، فانطلقوا حتى أتوا رَسُول الله ﷺ، فلما أناخوا، قَالَ الحارث بن شريح: اقعد معي يا قرة، وتقدم الأشياخ الجعونيون، [٢٥/أ] أتوا رَسُول الله ﷺ فسلموا عليه، وحيوه قَالَ: من أنتم؟ قَالَوا: نحن بنوا الحارث بن نمير، قَالَ: فما جاء بكم؟ قالوا: جئنا لنسلم، فبايعوه وأسلموا، وقَالَ لهم: خيرًا، ثم قَالَ لهم: تأخذون على بني الحارث بن نمير، قَالَوا: نعم، قَالَ: فإني قد بعثت إليهم خالد بن الوليد سيف الله، وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، قَالَ لهم رَسُول الله ﷺ: لا تأخذون على العمريين؟ قَالَوا: لا. فقاموا من عنده، فأتوا صاحبيهما، فقال لهم الحارث بن شريح ما فعلتم؟ قَالَوا: أسلمنا، وأخذنا على بني الحارث بن نمير، قَالَ لهم الحارث: وتركتم سائر بني نمير؟ قالوا: نعم. قال: لم تفعلوا شيئا. قال الحارث لقرة: هل تعرفه؟ قَالَ: نعم قَالَ: فانطلقا فخرجا فأقبلا حتى أتيا الناس، نظر رَسُول الله ﷺ إلى قرة بن دعموص، فعرفه فقال رَسُول الله ﷺ لقرة: أنت الذي أتيتني فقضيت لك؟ قال: نعم، قال: فلم جئت؟ قال: جئت لأسلم على يديك، وتستغفر لي. قال رَسُول الله ﷺ: ادنو فدنى قرة [٢٥/ب] من رَسُول الله ﷺ، فمسح رَسُول الله ﷺ وجهه واستغفر له، قَالَ للحارث: أتسلم؟ قَالَ: نعم، فبايعه، وأسلم، فَقَالَ رَسُول الله ﷺ: على من تأخذ؟ فَقَالَ الحارث: على بني نمير كلها. قَالَ رَسُول الله ﷺ: وعلى العمريين؟ قَالَ الحارث: نعم، فكتب لهم، وقَالَ لهما: إني قد جهزت عيينة بن حصن، وخالد بن الوليد إلى أهلكم، فخذا هذا الكتاب، ففيه براءتكم، وليعمد خالد إلى أهل اليمامة، فليقاتلهم. فانطلق النمريان، حتى أدركوا الرهط الجعونيين عند رَسُول الله ﷺ، فأدركوه بمأسل الجمح، إن شاء الله، قَالَ الحارث لصاحبه: كيف ترى؟ قَالَ قرة: سر، فأنخ إلى الفسطاط. قَالَ الحارث: إني أرى غير ذلك، قَالَ: فما ترى؟ قَالَ الحارث: إنا نخشى أن تأتي خالد، وعيينة جالس في الفسطاط، فيقطعان كتابك، ولا يقومان به، فأمهل حتى يبرزا، فقعد حتى إذا راح الناس عشية، فتبع عيينة، وخالد فأدركاهما، حيث [٢٦/أ] ركبا، قَالَ خالد للحارث: من أنت؟ قَالَ: أنا رجل من بني نمير. قَالَ: كيف ترى هؤلاء وأمهاتك غدًا؟ قال: كلا شيء والله، قَالَ: بلى والله، قَالَ الحارث: لا والله. فقال: هذا الكتاب، فدفع إليه كتاب رَسُول الله ﷺ، فقرأه خالد، فإذا فيه إن بني نمير قد جاؤوا وأسلموا، وهذا وفدهم، فلا تقرب أهاليهم، وسر إلى اليمامة فأقبل، فسار خالد، وكان يوم أظنه دجن، فقتلوهم حتى سال واديهم، ورجع عن بني نمير، فأقبل النمريان حتى أتيا رسول الله ﷺ، وعنده أبو زهير والرهط النمريون، قيل هاهما ذلك الرجلان اللذان ذهبا بالكتاب إلى خالد رجعا وقد انصرف عنهم، قال رسول الله ﷺ: أدركاه؟ قالوا نعم، فزعم عائذ أن علي بن بحير حدثه أن أبا زهير كان قاعدًا عنده وشهده حيث قال: يأبى الله لبني نمير إلا خيرًا، فقال الحارث بن شريح في ذلك: [٢٦/ب]
الله مَنَّ على معشر جئتهم ... بالعمق ما قد رأيت
عشية القوم على مأسل..... قاتل خالد واتليت
وإن القوم لما خرجوا من عند رَسُول الله ﷺ مكثوا ما مكثوا، ثم انطلقوا حتى أتوا رَسُول الله ﷺ في حجة الوداع، قَالَوا: يا رَسُول الله، ما تعهد إلينا؟ قَالَ: أعهد إليكم حتى تقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتحجوا البيت الحرام وتصوموا رمضان؛ فإن فيه ليلة صيامها، وقيامها خير من ألف شهر، قَالَ: متى نبتغيها؟ قَالَ: ابتغوها في الليالي البيض، وتحرموا عن مال المسلم والمعاهد إلا بحله، وتعتصموا بحبل الله والطاعة، فرجعوا أجمعون من الثنية، وتبعه الحارث بن شريح، فزعم عائذ، أن علي بن بحير حدثه عن الحارث بن شريح، أنه انطلق مع رَسُول الله ﷺ حتى صلى معه في المسجد الذي بين مكة والمدينة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله [٢٧/أ] عليه وسلم: إن المسلم أخو المسلم، إذا لقيه رد ﵇ بمثل ما حياه به أو أحسن من ذلك، وإذا استأمره نصح له، وإذا استنصره على الأعداء نصره، وإذا استنعته قصد السبيل يسره ونعت له، وإذا استعاره الحد على العدو أعاره، وإذا استعار الحد على المسلم لم يعره، وإذا استعاره الجنة أعاره، لا يمنعه الماعون، قالوا: يا رَسُول الله، ما الماعون؟ قَالَ رسول الله ﷺ: الماعون في الحجر، وفي الماء، وفي الحديد، قالوا: وأي الحديد؟ قَالَ: قدر النحاس، وحديد الفأس الذي تمتهنون به، قَالَوا: فما هو الحجر؟ قَالَ: القدر الذي من الحجارة.
والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
وحسبنا الله ونعم الوكيل. [٢٧/ب]
1 / 78