أقول وهذه المسألة وإن ظهر بطلان قول المعتزلة فيها لعدم الدليل الشاهد لدعواهم ليست من المسائل الدينية التي يفسق بها من خالف فيها، لاحتمال أن يقول ذلك المخالف أن للمقتول في علمه تعالى أجلين: أجلا مقيدا بما إذا لم يقتل فإنه ينتهي إليه وأجلا مقيدا بما إذا قتل فإنه يموت فيه، وقد علم الله أنه يقتل فلا يتبدل في علمه تعالى وكذلك يحتمل لمن قال: إن القاتل قطع على المقتول أجله أنه تعالى أجل لهذا أجلا لو لم يقتله القاتل لانتهى إليه لكن علم الله أنه يقتل فيموت قبل الأجل المحدود بإرادته تعالى فلا يتبدل في علمه ولا إرادته، نعم هي من مسائل الدين أن لو قيل أنه تعالى لم يعلم بأن القاتل يقطع على المقتول أجله أو أن المقتول يموت في أجل لم يرد الله موته فيه وإنما قلنا أنها حينئذ من مسائل الدين لما فيها من وصف الله تعالى بالجهل حيث أن بعض الأشياء لم يعلمها وبالعجز حيث أن إرادته لم تنفذ، والمعتزلة يعتقدون أنه تعالى لم يرد وقوع المعاصي والقتل ظلما معصية فيبني على مذهبهم أن الله تعالى لم يرد قتل المقتول ظلما، ولا يبعد أن تكون مسألة قطع الأجل على المقتول مبنية على هذه القاعدة، وإنما قلنا ولا يبعد ولم نقل أنها مبنية قطعا لإطلاقهم أن القاتل قطع أجل المقتول ولم يقيدوه بما إذا كان ظالما له.
পৃষ্ঠা ৮৮