خلاصة تاريخية
أصل الشعب الروماني:
كان مهد الشعب الروماني في الناحية الواقعة بين البحر الأسود والبحر الأدرياتيكي والبحر الأبيض المتوسط.
وكان يسكن هذه البقعة في الأعصر القديمة شعب التراس أجداد الذين نسميهم اليوم «الرومان»، وكان يطلق اسم «الالليريين» على الذين كانوا يسكنون منهم القسم الغربي من شبه جزيرة البلقان على شواطئ البحر الأدرياتيكي، والذين كانوا يسكنون على شمال نهر الدانوب «الطونة» في جبال ترانسلفانيا والكاربات فيهم «الداس» «والجيت»، أما القسم الشرقي من شبه الجزيرة الواقع على شمالي الدانوب فكان يسكنه فرع من عائلة التراس وهم المقدونيون.
وهذا الفرع هو أول من تمكن من أن يجعل له أثرا باقيا في تاريخ الشعوب، فإن المقدونيين توصلوا في القرن الرابع قبل المسيح إلى مد رواق سلطتهم حتى إلى أواسط آسيا ونواحي أفريقيا تحت قيادة الإسكندر ذي القرنين، فألفوا أكبر سلطنة أتيح لرجل فرد أن يتولاها.
وبعد تقسيم ملك الإسكندر امتدت السلطة الرومانية على كل شبه جزيرة البلقان، ولم يلبث الالليريون وبعدهم المقدونيون أن امتزجوا بالعنصر الروماني، وأصبح نهر الدانوب عند مجراه الأسفل حدا فاصلا بين الشعب الروماني والتراس أو الداس. وكان هؤلاء يقيمون - كما تقدم - في جبال ترانسلفانيا، حيث ألفوا مدة عدة قرون مملكة ذات نظام راق نالت شأوا بعيدا من العمران. وكان هذا الشعب شعب زراعة واقتصاد وإقدام، هدد مدة بقيادة ملوكه الشجعان أمثال بيريبيستا وديسيبال الشعب الروماني النازل بين بحر الأدرياتيكي ونهر الطونة.
وكثيرا ما حاول رجال الجمهورية الرومانية وإمبراطورة الرومان إخضاع هذا الشعب وتدويخه؛ لأن خطره كان يتفاقم يوما فيوما، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك، فكانوا يكتفون بعقد الصلح بشروط مرضية، هذا إذا لم يدحروا ويردوا على الأعقاب خاسرين.
ولما جلس على العرش الإمبراطور تراجان الروماني تبدلت هذه الحال؛ فإنه أشهر الحرب الأولى على التراس سنة 101 بعد المسيح؛ وذلك ليضمن الراحة والسكينة لمملكته المترامية الأطراف، وبعد مواقع دموية بين الفريقين انكسر التراس في السنة التالية (102)، واضطر ملكهم ديسيبال إلى دفع الجزية التي ضربها عليه الإمبراطور تراجان.
على أن السلم لم يستتب طويلا؛ فإن ديسيبال لم يقبل بشروط الرومان إلا ليتسنى له الوقت اللازم لاتخاذ أهبته واستعداد قومه لخلع نير الأجنبي. فأخذ يحصن الحصون ويجمع العدد، ويعقد محالفات مع الشعوب المتاخمة. فاضطر الإمبراطور تراجان إلى معاودة الحرب. وفي سنة 105 بعد المسيح زحفت الجيوش الرومانية ثانية على بلاد التراس وعبرت نهر الدانوب على جسر أقامته فوقه، فقاتل الملك ديسيبال حتى أعياه القتال، وتكاثر عليه عدد الأعداء فقتل نفسه، وعاد الإمبراطور تراجان إلى رومة بالغنائم الثمينة.
وسميت تلك البلاد بعد إخضاعها «داسيا»، وكانت تشتمل على مقاطعات ترانسلفانيا وبانات وأولتنيا، وما نسميه اليوم فلاخيا. ولما كان الرومانيون أرقى حضارة من الداس لم يلبثوا أن اضطروهم إلى استعمال لغتهم والتخلق بعاداتهم، وهكذا اندثرت لغة التراس وحلت محلها اللغة اللاتينية من الأدرياتيكي حتى البحر الأسود.
অজানা পৃষ্ঠা