الفصل السادس والثلاثون
اختر أدباءك
كتب الأدب كثيرة تتنوع من الشعر إلى النثر ومن القصص إلى النقد، ولن يمكنك أن تستوعبها قديمها وحديثها؛ ولذلك يجب أن تختار وتحسن الاختيار.
يجب ألا تقرأ جزافا كما يجب ألا تأكل جزافا.
وكتب الأدب هي غذاء نفسك فيجب أن تعنى بها أكثر مما تعنى بغذاء جسمك، أي تؤثر الأنفع على النافع، وتضحي بحلاوة الطعم من أجل مصلحة النفس.
هناك الكاتب الرخيص الذي يشغل ذهنك بالاهتمامات التافهة، والكاتب الطاهي الذي يعنى بحلاوة اللفظ ورنين العبارات، والكاتب المنافق الذي يقول ما لا يؤمن به، حتى هناك الكاتب الفنان الذي يحسن الفن ولكن مع ذلك ليست له رسالة.
إن كثيرين من الكتاب القدامى يحسون الفن، تجد عندهم الرنين والحلاوة والجزالة في تأليف الكلمات وهندسة العبارات، ولكنك لا تجد لأحدهم رسالة، والرسالة للأديب هي كل شيء.
ولو أن كاتبا كتب باللغة العامية، أو كان أسلوبه يتقلقل من الركاكة، ولكن كانت له مع ذلك رسالة، يحس قيمتها ويلهج بها ويلهث إلى غايتها، لكان أديبا عظيما على الرغم من كل نقائصه هذه، ولكن لو كان هذا الكاتب مبدعا في ابتكار المعاني وترصيع الكلمات ثم كان مع ذلك يكتب وليس له هدف عظيم أي رسالة؛ لما كان شيئا، وقصارى ما كنا نجد عنده عندئذ أننا نتطعم الحلاوة من كلماته ولكننا لا نغتذي بها، ونخرج من مؤلفاته ونفوسنا في جوع إلى الغذاء.
إن الأديب في أيامنا يقوم مقام الكاهن في العصور الماضية، هو كاهن مدني نسترشد به حين يعطينا ويعين لنا قيم الحياة.
فإذا قرأت لأحد الكتاب وأردت أن تقيس أدبه فاسأل ما هي القيم التي تأخذها منه؟ هل هي قيم رخيصة أم غالية؟ هل هو يعطيك الفن، اللذة فقط، أم يعطيك الحكمة أي الرسالة والهدف الإنساني أيضا؟
অজানা পৃষ্ঠা