فلما آل الأمر للوليد كان أول همه الانتقام والتمثيل بأعدائه حتى كال لهشام المد صاعا،
5
وانتقم لنفسه من أبناء أخيه وأهله وأنصاره انتقاما أحفظ عليه أسرته، وما زال يمعن في التنكيل بأعدائه، وهم يمعنون في التشهير به ونشر الدعاية ضده وعلى رأسهم «يزيد بن الوليد» الذي اتخذ - من ظهوره بالنسك أمام الناس ومحبتهم إياه - وسيلة لتبغيضهم في الوليد، فما ترك فرصة للتشنيع عليه إلا انتهزها، ولا عرض ذكره إلا لقبه بالفاسق.
قالوا: وكان يظهر النسك، ويتواضع ويقول: «ما يسعنا الرضا بالوليد!» حتى أدرك إربته، وألب الناس ضده، رافعا أمامهم علم الثورة التي انتهت بالفتك بالوليد، وانتقال الأمر إلى يزيد.
وهكذا تضافرت الظروف على إهلاك الوليد ونال أعداؤه منه ما يريدون، وقد يمكن تلخيصها جميعا فيما يلي: (1)
تهتك الوليد واستهتاره، وميله الشديد إلى مراغمة الناس ومجاهرته بعصيانه وآثامه، واحتقار ما تواضعوا على احترامه. (2)
استغلال خصومه هذه الناحية منه وإذاعة سوآته مكبرة مبالغا فيها، نافخين في أبواق الفتنة، مستثيرين حمية الناس لتنفيرهم منه، وكان ألد خصومه وأشدهم تشهيرا به اثنان: هشام قبل خلافة الوليد، ويزيد بعدها. (3)
ثقة الوليد بنفسه وشدة اعتداده بقوته، إلى حد أغفل معه كل احتياط لدرء الفتنة والقضاء على دسائس خصومه وهي في مهدها ، قبل أن تستفحل وتصل إلى هذا الحد. (2) الثورة: شجاعة الوليد
قالوا: «كان الوليد شديد البطش، طويل أصابع الرجلين، وكان يوتد له سكة حديد فيها خيط، ويشد الخيط في رجله ثم يثب على الدابة فينتزع السكة ويركب، ما يمس الدابة بيده.»
قالوا: «ولما اندلعت نيران الثورة التي شبها «يزيد بن الوليد» علم وبلغه ذلك، أمر أصحابه فأخرجوا سريرا، وجلس عليه، وقال: أعلي توثب الرجال، وأنا أثب على الأسد، وأتخصر الأفاعي؟» •••
অজানা পৃষ্ঠা