يبين ذلك: أنه علق الإرادة بنفس الشيء، لا بإثبات صفة الوجود له؛ فعلم أنه يريد الشيء، وأنه يكون الشيء، لا أنه يجعل الشيء الثابت الغني عنه صفة لم تكن.
[مقصود المتفلسفة في اعتراضهم على المتكلمين]
وإذا تبين: أن مقصود أهل الكلام من المسلمين في قولهم: إن المحدثات (وجدت من عدم): أي وجدت بعد عدمها، وأنها وجدت من غير وجود مخلوق؛ لا يعنون بذلك: أنها وجدت من غير موجد خالق؛ علم أنه ليس عليهم في المعنى الذي قصدوه درك، وإن كان في العبارة لبس، وعبارة القرآن أحسن وأبين.
لكن اعترض عليهم المتفلسفة فقالوا: لا يعقل موجودا عن عدم؛ لأنا ما رأينا شيئا يحدث إلا من مادة؛ كحدوث الحيوان والنبات والمعادن من المواد المشهودة؛ كما تحدث الثمار من الأشجار، وكما يحدث الإنسان من المني النازل من أبويه، وأمثال ذلك؛ فإبداع شيء لا من شيء لم نعهده.
ومقصودهم بذلك: أن يبطلوا القول بحدوث الحوادث من غير مادة متقدمة؛ فيلزم من ذلك قدم المادة.
كما قصدوا أيضا: إبطال حدوث الحوادث من رب قديم؛ فقالوا: إن كانت العلة الأزلية لوجود العالم تامة؛ وجب قدم معلولها؛ فيلزم قدم العالم، وإن كانت غير تامة؛ فلا بد لتمامها من سبب. والقول فيه كالقول في حدوث العالم؛ فيبطل الحدوث؛ فيتعين الأول: وهو أن تكون العلة القديمة تامة؛ فيجب قدم العالم / (¬1).
পৃষ্ঠা ৫৯