الفصل الثاني عشر
ميلاد الوطن القومي اليهودي
ذكرنا أن إبراهيم بن تارح، الذي ولد بعد الطوفان هو رأس العبرانيين أو مؤسس اليهودية والعبرية. وعند بعض المؤرخين
1
أن إبراهيم هذا قد ولد بعد الطوفان بنحو 200 سنة في بلاد الكلدانيين الواقعة في جنوبي مملكة آشور وكانت تابعة لها، وأن الكلدانيين كانوا أهل معرفة وفنون، وعلى حظ من علوم الهيئة والنجوم، وكانوا يعبدون الأوثان، ويسجدون للشمس والقمر والنجوم. أما إبراهيم فكان يعبد الإله الحقيقي، وكان يرعى الغنم إلى أن مات أبوه، فأمره الله أن يخرج إلى أرض كنعان «فلسطين الآن»، ووعده ربه أن تكون كنعان ملكا لذريته، فأطاع إبراهيم ربه، وذهب مع زوجته سارة وخدمه وماشيته متنقلين من مكان إلى آخر، ثم رزق بإسماعيل من هاجر، وبإسحاق من زوجته الثانية سارة، ويقال: إن إبراهيم مات حين كانت سنه 175 سنة، وكانت وفاته في حبرون، «وهي الآن الخليل»، ودفن بجانب زوجته سارة في مغارة المكفيلة، التي يزورها الناس إلى الآن.
وقد ولد لإسحاق: عيسو ويعقوب، الذي رزقه الله 12 ولدا، وهم: راوبين، وشمعون، ولاوي، ودان، ويهوذا، ونفتالي، وجاد، وأشير، وبساخر، وزبلون، ويوسف، وبنيامين. ومن هؤلاء تسلسلت أسباط بني إسرائيل الاثنا عشر. أما يوسف - صاحب القصة المعروفة - فقد باعه إخوته للإسماعيليين، الذين أخذوه إلى مصر وباعوه عبدا في سنة 1729ق.م. وبعد أن عاش 14 سنة عبدا أسيرا، تقدم في باب الفرعون تحوتميس الثالث أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة. وكان من أثر تقدمه هذا، أنه استطاع أن يقي أباه وإخوته خطر الموت جوعا. وفي سنة 1706ق.م ذهب أبوه مع أولاده إلى مصر، وأقاموا فيها مع يوسف، وتكاثروا حتى أصبحوا أمة . أما يعقوب فقد مات في سنة 1689ق.م. وأما يوسف فقد مات في سنة 1635ق.م. وبعد وفاة الفرعون المشار إليه، خلفه آخرون تنكروا للإسرائيليين وعدوهم عبيدا، بل إن أحد الفراعنة قد أمر بأن كل ولد ذكر يولد لهم، يلقى حالا في النيل، لكي ينتهي مصيرهم إلى الفناء التام، خشية كثرتهم ونفوذهم.
وعندنا أن هذا هو عهد الاضطهاد الأول لليهود، ذلك الاضطهاد الذي اتخذ منذ يومئذ وفي فترات مختلفة من التاريخ صورا عديدة، لا تزال آثارها باقية إلى اليوم.
حدث بعد هذا أن ولد «موسى»، وأن ألقته أمه في تابوت، بين شجر الحلفاء على حافة النيل، وأن ابنة فرعون رأت التابوت هناك، وأخرجت منه الطفل «موسى» وأن أحضرت له مرضعا، اتفق أنها كانت والدة موسى، الذي تعلم في بيت فرعون علوم المصريين، ثم أوحى الله إلى موسى وأخيه هارون بأن يطلبا من فرعون إطلاق الإسرائيليين من الأسر، وعندنا أن هذا هو عهد الأسر الأول كما كان عهد الاضطهاد الأول لليهود. وقد أبدى موسى من معجزات النبوة أمام فرعون ما جعل هذا يستجيب إلى النداء، فيطلق للإسرائيليين حريتهم، بعد أن أقاموا في مصر 215 سنة، فخرجوا في عدد غير معروف قدره بعض المؤرخين
2
بمليونين ونصف المليون، وهو رقم يبدو كبيرا، وكان خروجهم في عهد الفرعون منفطا من الأسرة التاسعة عشرة، وكان عمر موسى يومئذ 80 سنة، ويقول موسى وبولس بأن مدة إقامة اليهود في مصر بلغت 430 سنة، وهي تشمل 25 سنة منذ وصل إبراهيم إلى بلاد كنعان إلى ولادة ابنه إسحاق، و60 سنة منذ ولادة إسحاق إلى ولادة يعقوب، و130 سنة منذ ولادة يعقوب إلى نزوله في مصر، و215 مدة إقامتهم في مصر. وثمة روايات أخرى عن مدة إقامة اليهود في مصر.
অজানা পৃষ্ঠা