মাসালা কুবরা
المأساة الكبرى: رواية تشخيصية في الحرب الحاضرة
জনগুলি
وأما المجتمع؛ فيكفيه ما ألم به من المصائب التي لا تعوض عقابا له على غفلته.
وعلى الدول تنفيذ هذا الحكم.
الإمضاء
في مدينة ... يوم ... شهر ... سنة ... (انتهت الرواية.)
خاتمة
قد يستغرب القارئ وقد أنهيتها بهذه الصورة، مع أن الألمان حتى الآن في انتصار، ولكن من يتدبر الأمور بعين الناقد البصير؛ يعلم أن الألمان من بعد فشلهم في حملتهم على باريس لم يعد يرجى لهم تحقيق حلم، وما انتصاراتهم الجزئية اليوم إلا تطويل لأجل الحرب، ولذلك هم اليوم يتخبطون ويبذلون آخر ما عندهم من الجهد؛ عسى أن يحرزوا من النصر ما يحمل الآخرين جميعا أو فرادى لعقد صلح لا يغبنون فيه، ولا يثلم مقام إمبراطورهم لدى أمته التي جر عليها كل هذه المصائب على غير جدوى أو بخسائر لا تعوض؛ لأنه يستحيل اليوم أن يرجع العالم، ويثق بهم، ويخلص لهم، ويفتح أبوابه لمتاجرهم، ويحسن الظن بعلمهم وعلمائهم كما كان في الماضي، فهم في هذه الحرب خاسرون كل شيء؛ المقام الأدبي، والمركز الاقتصادي التجاري، وكلاهما كانا في الأوج لا عن غير استحقاق، ولكنهم كانوا مع ذلك - وهم بهذا المقام والمركز - قد تمكنوا من استهواء العالم؛ حتى صار ينظر إلى كل ما يصدر عنهم بعيون مكبرة، ويسلم بكل ما يقولون من غير تمحيص كثير، ولو في كذبهم على العلم كما فعل كبيرهم «هكل» في تقرير ما كان في غنى عن تقريره؛ لأنه سواء كان حقيقة أو فرضا مزعوما؛ لأنه ارتأى أنه ينبغي أن يكون، فالعلم الطبيعي في غنى عن ذلك إذ صحته وعدمها لم يكونا ليتوقفا عليه.
وانتصار الألمان على الروس اليوم، وحفظ مراكزهم في الأماكن التي احتلوها في الغرب لا يستغربان لمن يعلم أنهم منذ أكثر من نصف قرن، ولا سيما في عهد إمبراطورهم الحالي، هم يستعدون لهذه الحرب، ويعدون لها العدة، بخلاف خصومهم فقد ثبت أنهم من قلة حذرهم منها، وفراغهم من العدة لم يكونوا ينوونها، ولا كانوا يتوقعونها، وهذا ما يدحض دعوى الألمان، وإمبراطورهم بأنهم هم المفترى عليهم، وأنهم قسروا على الحرب قسرا، لا أنهم توسلوا إليها بخلق الأسباب. فإذا كان الألمان حتى الآن أقوياء أشداء؛ فذلك طبيعي، وهم ما خاضوا غمار هذه الحرب إلا وكانوا على أتم الأهبة لها، لكن إذا كان الألمان وهم في منتهى قوتهم لم يتمكنوا من تحقيق حلمهم، وخصومهم في غفلة، وغير مستعدين؛ فهل يرجى ذلك لهم بعد سنة، وهم في تناقص، وخصومهم في تزايد؟ هذا أمر لا يقبله العقل، ولا سيما إذا رأينا ما تئول إليه حالهم بحصر البحار عنهم، فإذا كان المدخر عندهم حتى الساعة لم ينفد، فهو لا يعوض أو يعوض بعضه عن طريق الدول المحايدة بالاسم والمتاجرة بالفعل، فكلما طالت الحرب وزاد التضييق عليهم؛ اشتد الضيق بهم، حتى تفرغ جعبتهم، وتفنى سهامهم؛ فيهوون إلى الأرض، فالحرب هنا حرب تفان، والأقدر على المصابرة أقدر على المجالدة، والفوز أخيرا له.
والفضل في هذه المقاومة هو لجيوش الحلفاء في البر، ولو لم ينالوا منهم حتى الساعة منالا سوى وقوفهم في وجههم، حتى تفنى ذخائرهم، وتهلل صفوفهم من كثرة النقص فيها، وانتصاراتهم على الروس اليوم التي طبلوا فيها، وزمروا، وزينوا، وعيدوا؛ ليست إلا مجزرة تساعد الحلفاء في ما يرمون إليه، ولا سيما أن الروس في انسحابهم لا يعدون منكسرين حقيقة ما دامت قواهم سالمة لهم، وتوغل الألمان في أرضهم قد يعيد عليهم التاريخ، وينزل بهم ما نزل بجيوش نابوليون في حملته تلك الجنونية التي كانت سبب فشله بعد كل ذلك العز، ووقوفهم حيث هم الآن لا يرجى منه أن يلين شكيمة خصمهم، ولا بد لهم من أن يدعموا مراكزهم هناك بكل القوى التي وطدوه بها، وإلا ارتد الروس، وكانت الحرب بينهما رقصا إفرنجيا تقدما وانسحابا، وأخذا وردا كالرقصة المعروفة، وتكون النتيجة إفناء الذخيرة، وإفناء الرجال، والروس في هؤلاء أغزر موردا، أما مركزهم في الميدان الغربي؛ فهو اليوم مجالدة مكابرة للتدمير والتخريب، وصد الفرنساويين عنهم لا للزخف عليهم؛ لأنه قد تبين أن الفرنساويين هم اليوم أكفاء لهم، وفوق الأكفاء.
على أن الفضل الأكبر، بل منتهى الفضل في إحباط حلم الألمان، والقضاء عليهم إنما هو للإنكليز الذين غلوا أيديهم عن كل حركة في البحار، وقيدوا أسطولهم في مكمنه، كأنه لم يكن، وقضوا على مراكبهم التجارية، وفصلوهم عن مستعمراتهم، وسلبوهم إياها، ولولا الإنكليز لكان الألمان اليوم في فوز باهر؛ لأن حركات أسطولهم كانت قد ساعدتهم كثيرا، ولا سيما في الاعتداء على الموانئ الفرنساوية، وتعرضها في نقلها لجيوشهم من مستعمراتهم؛ ولذلك ترى الحلفاء اليوم مطمئنين إلى نتيجة الحرب، ولا سيما إنكلترا؛ لأنه مهما يكن من مجالدة الألمان؛ فإن مصيرهم إنما هو إلى الفشل المؤكد بمصابرة الحلفاء في البر، ومقاومة الإنكليز لهم في البحر، ولو اضطر هؤلاء لأن يسلكوا معهم مسلكهم مع نابوليون، وهم سالكون معهم هذا المسلك بعينه؛ حتى ينهكوا قواهم، ويقضوا على كل مطامع غليوم، ولو طال المطال، ما دام المال متوفرا، وقد زادت موارده عليهم، وما دام الوقت حليفهم؛ لاعتمادهم على عزلتهم في جزيرتهم، وقوتهم في البحر.
ولهذا كله نرجع ونكرر القول: إن انتصارات الألمان اليوم ليست إلا تطويلا لأمد الحرب، وأن مصيرهم في الآخر إلى الفشل التام، ولكننا نقول أيضا بملء الأسف: إن الحرب لا تزال طويلة؛ لأن ألمانيا لا يبلغ بها الوهن حده في زمن قصير، ولكن في وسع الحلفاء الصبر إلى المنتهى، ولا أمل بالصلح قبل ذلك إلا ثارت الأمة الألمانية على حكومتها، ومن الأسف أن هذا بعيد أخلاق القوم.
অজানা পৃষ্ঠা