شرب الماء قليل جدا عند الأحباش، وشرابهم العادي هو «البوظة» أو ما يسمونه «تلا»؛ وهي تصنع من الشعير أو القمح؛ وذلك بأن يحمص القمح أو الشعير، ثم يطحن ويختلط بصفصاف شجر يسمونه «قيشو» أو أخرى يسمونها «صدو». وهاتان الشجرتان لا تنبتان إلا في الحبشة ويستعملان خميرة للشراب.
وهناك نوع آخر من الشراب يسمونه «طج»؛ وهو يصنع من العسل، وكيفية صنعه هو أن يحضر بالعسل ويمزج بالماء ويخلط بالقيشو أو بالصدو، وبعد أن يخمر يشرب. وكلا هذين النوعين من الشراب مسكر.
إن كل عطلة في أرض الحبشة هي عيد مقدس، وأهم هذه الأعياد هو «المستقل» أو عيد الصليب.
ويليه عيد رأس السنة ويسمونه «قديس يوهنس»؛ وفي هذا العيد تشعل النيران ويغنون فيه أغنية التهاني برأس السنة، ويلعبون بالأزهار، ويذبحون الذبائح في بيوتهم، ويشربون الشراب ... إلخ. وهناك أيضا «فلسنا» وهو عيد العذراء، وعيد الميلاد ويسمونه «لوتا»، إلى غير ذلك من أعياد القديسين والملائكة.
وتحتفل الحكومة والأهالي بعيد رأس السنة الهجرية، وقد وقع في 12 سبتمبر حيث أنيرت شوارع المدينة بالكهرباء، وانتشرت المشاعل في أحياء أديس أبابا المختلفة، وسارت غفيرة من الجماهير تتقدمها الطبول مخترقة أحياء المدينة، واستمرت كذلك إلى أواخر الليل، وفي الصباح أقيمت الصلوات في الكنائس، واستقبل جلالة الإمبراطور القواد والزعماء وأعيان الجاليات الأجنبية، وقد أقيم استعراض حربي في ساحة القصر الإمبراطوري بحضور ممثلي الصحف العالمية.
وعند الظهر مدت الموائد على الطريقة الحبشية لإطعام أكثر من خمسة آلاف شخص بالقصر الإمبراطوري، وهو ما يسميه الأحباش «جبر»؛ وفيه يجلس المدعوون من الجنود والأتباع على الأرض أمام موائد مرتفعة قليلا، ويتناولون خبزهم المصنوع من نوع خاص من الحبوب، وهم يسمونه «أنجرا»؛ وهو يقوم لديهم مقام «الصحون» عندنا ويسكبون فيها الأدم على الخبز، وعندما تؤكل طبقة من هذا الخبز يؤتى بنوع آخر من الطعام يوضع على طبقة أخرى منه، وهكذا. ويشرب الأحباش خلال ذلك كميات كبيرة من مشروبهم الوطني «التتج»؛ وهذا الشراب مصنوع من بعض النباتات ومخلوط بعسل النحل، وطعمه مستساغ وأثره المسكر شديد. •••
ومما يذكر عن السنة الحبشية أنها تتفق في بدئها ونهايتها مع السنة القبطية المصرية، والفرق بينها وبين السنة الإفرنجية سبع سنوات، وقد تنبأ الفلكيون الأحباش بأن سنة 1928 الحبشية ستكون بداية عصر جديد للحبشة تخرج فيه من عزلتها وتنتصر على أعدائها، ويتولى جلالة الإمبراطور الحالي قيادتها إلى مدارج الرقي والتقدم.
هذا ويتزاور الأحباش في هذا اليوم للتهنئة، ويحملون في زياراتهم باقات من الزهر والورود، وتحيتهم المألوفة لهذه المناسبة هي «انكوتاتاش»، وهي كما نظن كلمة عبرية ينسبونها إلى الملك سليمان عند تحيته لملكة سبأ، ومعناها «اللؤلؤ لك».
وقد انقضى يوم العيد دون أن يحدث ما يكدر الصفو أو يخل بالأمن العام .
والأحباش ميالون بطبيعتهم إلى اللهو والطرب، وإذا أقيم عرس اشتركوا فيه - رجالا ونساء صبيانا وبنات - وغنوا أغاني العشق والهيام، وزمروا وطبلوا ليلا ونهارا مدة سبعة أيام متوالية. ونوع آخر من الأفراح يقام للصيادين إذا صاد أحدهم فيلا أو أسدا أو وحشا من الوحوش الضارية، وهذه الأفراح لا تشترك فيها النساء بل تقتصر على الرجال والصبيان، فيتغنون بالأغاني الحماسية، ويلبسون المحتفل به جلد الوحش الذي قتله، ويطلقون الرصاص ويلعبون ألعاب الفروسية مدة ثلاثة أيام.
অজানা পৃষ্ঠা