وإنا لجادون الآن في دراسة عادات البلاد وأحوالها الاجتماعية دراسة جدية، مع النظر فيها من الوجهة الإسلامية حتى تكون عظاتنا مبنية على أساس متين، ولا يفوتنا أن نذكر أن من طرق الوعظ والتعليم في هذه البلاد افتتاح المنازل وإلقاء دروس بها وإفتاء من يحضر للاستفتاء بها، ونحن مجاراة للعرف نستقبل الناس يوميا بعد أداء أعمالنا الأخرى.
وقد عرض علينا كثير من الفتاوى فأجبنا بما كان موضع الثقة والقبول، ومما تحسن الإشارة إليه أن الفتيا والقضاء في هذه البلاد على مذهب إمامنا الشافعي رضي الله عنه، وهو المذهب الذي يعتنقه معظم مسلمي الحبشة، والذي يقوم بالقضاء بينهم قاض واحد «بأديس أبابا»، وحكمه نافذ إلا إذا استؤنف أمام هيئة أخرى من العلماء، وكثيرا ما قمنا نحن بمهمة النظر في القضايا المستأنفة وهو ما يستلزم منا مراجعة وبحثا طويلين.
ومما استفتينا فيه أخيرا أن شابا تزوج بفتاة بكر، وفي اليوم التالي لزواجه بها طلب استرداد المهر مدعيا أنه وجدها ثيبا؛ فرفع والد الفتاة دعوى أمام القاضي طالبا حد المتهم حد القذف ... وأشباه ذلك مما يعرض علينا كثير.
وفي البلاد هيئات متعددة، منها: نادي الاتفاق الإسلامي، والجمعية الوطنية، وجمعية التعاون. وصلتنا بنادي الاتفاق الإسلامي وثيقة بحكم عملنا الرسمي، وهو أهم هذه الهيئات وأغناها وأنفعها وأوسعها نفوذا، ونحن نرجو أن توجد في المستقبل القريب في هذه البلاد شبيبة حبشية مسلمة تقوم على أكتافها نهضة تتقدم بها هذه الأمة النبيلة. ا.ه. (24) تجارة الرقيق في الحبشة
مما يأخذه السنيور موسوليني على الحبشة أنها لا تزال تبيح الرقيق، وقد وضعت اللادي سيمون عقيلة السير جون سيمون الوزير الإنجليزي المشهور كتابا عن «تجارة الرقيق في العالم»
2
جاء فيه:
إذ كانت لجنة جامعة الأمم ماضية في بحثها، تلقى السراريك درموند سكرتير الجامعة مذكرة في الرقيق من الحكومة الفرنسوية تكشف فيها عن نواح مختلفة من حالة الرقيق والنخاسة في الحبشة.
وقد ختمت الحكومة الفرنسوية مذكرتها بقولها: في 9 نوفمبر سنة 1918 صدر مرسوم إمبراطوري يوجه النظر خاصة إلى مراسيم منليك عن منع بيع الأرقاء وشرائهم، وفي يوليو سنة 1922 قبض على نخاسين متلبسين بالنخاسة وشنقا في أديس أبابا، ولكن ما زال بعض كبار الرؤساء يشتركون في غزوات الرقيق لكي يخضدوا الفتن على ما يدعون أو يعاقبوا من يرفض دفع الضرائب، وما زال غيرهم في أديس أبابا نفسها يقبلون هدايا من الأرقاء، وما زال مقدمو الأحباش أنفسهم يرفضون أن يعتقوا مستر فيهم في خلال حياتهم، ضاربين بذلك المثل لغيرهم. ما زال كل ذلك قائما، وقد يخف هذا الويل ولكنه لن يزول. •••
ومن المعلوم أن في حيازة الحكومة الإيطالية معلومات كثيرة عن أحوال النخاسة في بلاد الحبشة وما يجاورها، وقد ورد على جامعة الأمم تقارير بأن القناصل الإيطاليين يبذلون الجهد لعتق الأرقاء الذين يجتازون الأراضي الداخلة في نطاق نفوذ الحكومة الإيطالية، وفي خلال نظر الجامعة في موضوع الرقيق وجهت الحكومة الإيطالية نظر السراريك درموند إلى غزوة رقيق وقعت واتصل حبرها برجال الحكومة الإيطالية، وأن هذه الغزوة مثال لغيرها وتدل على القساوة والعنف في معاملة المسترقين في البيع والشراء. وقد بعثت الحكومة الإيطالية إلى سكرتير الجامعة برسالة وصفت فيها جمعية مؤلفة من 150 من الأرقاء كانوا يساقون كالحيوانات إلى المرافئ على الساحل، وإذ كانوا في طريقهم هاجمهم فريق من النخاسين المعادين لأصحابهم، فدارت معركة دموية مثل فيها نحو ثلاثين من هؤلاء المساكين وهم عاجزون كل العجز عن الدفاع عن أنفسهم.
অজানা পৃষ্ঠা