ولهذا كان مالك والشافعي -رحمهما الله- ومن سلك سبيلهما يرون الانفراد في البيت أفضل في نافلة، فإذا قامت الصلاة في المسجد في رمضان ولو بأقل عدد، فالصلاة حينئذ في البيت أفضل))، وانتهى كلام ابن عبد البر.
وقال -أيضا- في موضع آخر من هذا الكتاب: ((وفيه أيضا -يعني حديث زيد بن ثابت المذكور- دليل على أن الانفراد بكل ما يعمله المؤمن من أعمال البر ويسره ويخفيه أفضل، ولذلك قال بعض الحكماء: إخفاء العلم هلكة، وإخفاء العمل نجاة، قال الله عز وجل: {وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم}.
وإذا كانت النافلة في البيوت أفضل منها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما ظنك بها في غير ذلك الموضع؟ إلى ما في صلاة المرء في بيته من اقتداء أهله به من بنين وعيال، والصلاة في البيت نور)).
وقال القاضي الماوردي في كتابه ((الحاوي)): ((قال الشافعي رضي الله عنه: ((وأما قيام شهر رمضان، فصلاة المنفرد أحب إلي منه)).
وفيه تأويلان لأصحابنا:
أحدهما: أنه أراد بذلك أن قيام شهر رمضان وإن كان في جماعة، ففي النوافل التي تفعل فرادى ما هو أوكد منه، وذلك الوتر وركعتا الفجر، وهذا قول أبي العباس ابن سريج.
পৃষ্ঠা ৩৬