كان الاجتهاد منه على أصل صحيح؛ لأنّه ﷺ أمرهم أن يصلّوا العصر في بني قريظة واستعجالًا منه لهم وحبًّا لإدراك الناس من اليهود الناقضين لعهده؛ المُعِينِين على الأحزاب، وقد كان عند أصحابه أنّه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها حتّى يَفوت، فلما أدركتهم الصلاة وخشَوا فَوْتَها، من خشي ذاك منهم بدر إلى أدائها على أصله في فرض وقتها واحتمال قول رسول الله ﷺ عنده مثل ذكر الآية (١)، قد يجوز أن يكون ﷺ لو روجع بالسؤال، فقيل له: أرأيت لو خشينا فوت العصر أنصلّي أم نُتِمّ؟ (٢) كان يقول: لا تفرّطوا في صلاتكم، فإنّي طَمِعْتُ لكم أن تدركوا بني قريظة في بقية من الوقت، وكان قولي ما قلتُه استعجالًا لكم وهذا وجه احتمال.
والطائفة التي أخّرت الصلاة حتّى تأتي بني قريظة، استعملت ظاهر لفظه، ووقفت عنده، فعذرهم رسول الله ﷺ كلّهم باجتهادهم، كما عذر الله ﷿ داود وسليمان، إذ حكما في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم (٣)، فأثنى على سلمان أن فَهِمَها، وعَذَر داود ولم يَذُمَّه لاجتهاده، وهذا الاجتهاد عند العلماء على الأصول؛ لأنّ ظاهر لفظه ﷺ أصله مِمّا كانوا عليه من معرفة الوقت، فافهم هذا ترشد إن شاء الله تعالى.