============================================================
15 المسائا المشكلة سيبويه، وفي حمل البيت عليه، تقوية لما ذهب إليه سيبويه من أن (أما) في البيت إنما هو: (أن) الناصبة للفعل، ضمت إليها (ما). إلا أن القول بزيادة الفاء ليس من مذهبه.
ومن ذلك قولهم: إما لا، قال سيبويه: ومثل ذلك -يعني مثل قولهم: أما كنت منطلقا انطلقت معك -إما لا، فكأنه يقول: أفعل هذا إن كنت لا تفعل غيره، ولكنهم حذفوا ذا لكثرة استعمالهم إياه، وتصرفه حتى استغنوا عنه هذا، وقال فيه أيضا: زعم الخليل أثهم أرادوا: إن كنت لا تفعل غيره فافعل كذا وكذا إما لا، ولكنهم حذفوه لكثرته في الكلام، انتهى: فرما) في هذا عوض من الفعل، كما أنه فيما ذكره من: أما كنت منطلقا، عوض منه، يدل على ذلك أنه لا يظهر معه الفعل، ولما كان أصل هذه الكلمة ما ذكره، وحذفت منه هذه الأشياء فغير، غيرت أيضا بامالة (لا فيها وهي حرف لا يمال في غير هذا الموضع، فكأنه أميل هذا، فغير عما عليه سائر الكلام، ليدل التغير على هذه التغيرات، ولأنها قد صارت آخر شيء كنزلة حرف واحد، فهذا مجيء (ما) عوضا من الفعل.
الضرب الثابي من مجيء (ما) زائدة: وهو أن يلحق بدخول الكلمة التي تدخل عليها حرف لا يلزم في الكلام إذا لم يدخل، نحو: لزوم النون الشرط إذا دخلت (ما) على (إن) الجزاء، وذلك نحو: إما تأتيني آتك فإما تذهبن بك (الزحرف: 41] فإما ترين من البشر أحدا فقولى} [مرع: 26].
فرما) هذه مشبهة باللام في (ليغعلن)، وجهة الشبه: أنها حرف للتأكيد، كما أن اللام للتأكيد، والنون في (ليفعلن) غير لازمة فيما حكاه سيبويه، فإذا لم يلزم في ليفعلن مع أن النون فيه تفرق بين معنيين، فإن لا تلزم إما يفعلن أولى، إذ لزوم النون له لا تفرق بين معنيين فيه.
وذهب أبو العباس إلى أن النون لازم مع (إما) هذه غير مفارق، وليس عندي كذلك لما أعلمتك، فإن قلت فما جاء في التنزيل من ذلك كله بالنون، فليس في ذلك دلالة على أن ما كان سواه غير جائز، وقد جاء في غير التنزيل بلا نون، أنشد أبو زيد:
পৃষ্ঠা ১১৫