وكما يذكرنا العمل هذا كم نحن مقصرون، فإن حجم فريق العمل الذي أنتجه يبين إلى أي حد نحن مقصرون.
إن هذا الفريق الذي مسح تلك المكتبات، وقطع الفيافي للوصول إلى بعضها، وتسلق الجبال للوصول إلى غيرها، مكون من رجل واحد فقط! هو الأستاذ العلامة عبدالسلام بن عباس الوجيه. وقد قام بهذا العمل في حين أنه يؤلف سفر أعلام المؤلفين، ويحقق طبقات الزيدية الكبرى، ومجموع رسائل ومؤلفات الإمام عبدالله بن حمزة، واللاليء المضيئة في التاريخ، ومآثر الأبرار، وهذه الأعمال تزيد عن العشرين مجلدا، ثم يراجع تحقيقات لغيره، هذا كله، وهو يعاني من مرض مزمن ومرهق هو التهاب الكبد، ويعاني من ظروف صعبة يعاني منها كل يمني، ومع ذلك يخرج من تحت يديه هذا كله...
هل يجوز هذا؟
هل يجوز أن توكل هذه الأعمال للأفراد؟
إذا كانت سمتنا التقصير، فهل يصح أن نترك من لديهم الهمم والعزائم وحدهم؟
أنا على يقين من أن هناك في بلد الحكمة كثيرون ممن لديهم القدرة على بذل ما بذله الأستاذ عبدالسلام من جهد.
ولما كان لا بد من مقدمة تقليدية فاسمحوا لنا أن نقول:
منذ البدء اعتبرت مؤسسة الإمام زيد بن علي نفسها مؤسسة خادمة لطلاب العلم. ومنذ البدء كانت ترى أن خير خدمة تقدمها لطلاب العلم هي ما يسهل عليهم وجود مادة بحثهم. وقد بدأ عملها بجمع بعض فهارس المكتبات الغربية بحثا عن مخطوطات الزيدية والمعتزلة. وكانت تأمل في القيام بالعمل نفسه في اليمن، ولكن عمل كهذا في اليمن ليس من اليسر بحيث يقوم به أي فرد، فانصرفت إلى فهرسة ما هو موجود في الخارج.
ومع بدايات العمل، وببركة بعض الأخوة المتابعين لما يدور في الساحة العلمية من نشاط، سمعت بعمل الأستاذ العلامة عبدالسلام الوجيه، فسعدت به أيما سعادة، ورأت أن الأولى تركيز الجهود والموارد على ما لم يفهرس من المخطوطات في اليمن حيث إنها معرضة للضياع لأسباب كثيرة استعرضها المؤلف في مقدمته. فكان الاتصال به، وبداية التنسيق إلى أن انتهى الأمر إلى ما هو عليه اليوم.
هذا، وتؤكد مؤسسة الإمام زيد بأن ليس لها أي فضل على الإطلاق في ظهور هذا العمل، وإنما هو من جهد وعمل ومتابعة الأستاذ العلامة عبدالسلام، وكان له الفضل بأن سمح لنا أن ننشر الكتاب لنشاركه أجر ما عمل، فجزاه الله عنا كل خير.
وفق الله أمة الإسلام للاقتداء بالأولين في بذلهم الغالي والنفيس للحصول على المعارف، وفي الاجتهاد في إنتاج المعرفة، وفي التوجه الجماعي لمثل هذه الأعمال وتخفيف العبء عن الأفراد.
... ... ...
পৃষ্ঠা ৩