قال: ((فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب)).[آل عمران: 7]. وأنه عز وجل بحكمته حفظ التأويل كما حفظ التنزيل بتفضيل بعض خلقه في العلم كما فضل بعضهم على بعض في الرزق، وبيان من شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه، ومن جعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء، وببيان من اختاره ليترجم عن تأويله كبيان اختياره لمن يتحمل عهدة تنزيله ممن يفسر بعض القرآن ببعضه، ويدل على متشابهه بمحكمه بنحو قوله تعالى: ((ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير)).[فاطر: 32]. وتفسيره بقوله عز وجل: ((إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)).[آل عمران: 33،34]. فقوله سبحانه: ((ذرية بعضها من بعض)). ليس المراد به تعليم الخلق تناسلهم وولادة بعضهم من بعض لأنه أمر ظاهر معلوم، وإنما المراد موافقة طريقتهم التي لها ولأجلها اختارهم الله تعالى، فدلت الآية على مزية وخصوصية زائدة على الإيمان والولادة والقرابة، وتلك الخصوصية هي موافقة من اصطفاه الله في باب الطهارة والعصمة والكمال والوقار واجتماع الخصال التي تسعها النبوة والإمامة، وهذا ظاهر لأنه إذا لم يكن معنى بعضهم من بعض الولادة فلا يبقى إلا ما ذكرناه، وسيأتي بيان ذلك وغيره شافيا إن شاء الله تعالى في مواضعه، وتعيينه سبحانه باصطفائه محمدا الطاهر أن المصطفين لإرث هذا الكتاب [إذ لا يصدق قوله: ((ذرية بعضها من بعض)). على غيرهم] هم ذريته الأخاير، يزيد هذا وضوحا قوله تعالى: ((ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب)).[الحديد: 26]. ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء من ذريتهما فيجب أن تكون ذريته هم خاتمة الذراري الذين أخبر الله أنه يجعل الكتاب فيهم وتعيينه إياها في ولد الحسن والحسين سلام الله عليهما وعليهم بنحو آية المباهلة، ونحو خبر (كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما). والإجماع المعلوم بين الأمة.
পৃষ্ঠা ৬