قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ مَعْنَاهُ وَإنَّك لتدعو وَقد ترد الْهِدَايَة وَالْمرَاد بهَا إرشاد الْمُؤمنِينَ إِلَى مسالك الْجنان والطرق المفضية إِلَيْهَا يَوْم الْقِيَامَة
قَالَ الله تَعَالَى ﴿فَلَنْ يضل أَعْمَالهم سيهديهم وَيصْلح بالهم﴾ فَذكر تَعَالَى الْمُجَاهدين فِي سَبيله وعنى بهم الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار ثمَّ قَالَ سيهديهم فَتعين حمل الْهِدَايَة على مَا ذَكرْنَاهُ
وَقَالَ تَعَالَى ﴿فاهدوهم إِلَى صِرَاط الْجَحِيم﴾ مَعْنَاهُ اسلكوا بهم إِلَيْهَا وَالْمعْنَى بقوله تَعَالَى ﴿وَأما ثَمُود فهديناهم﴾ الدعْوَة
وَمعنى الْآيَة إِنَّا دعوناهم فاستحبوا الْعَمى على مَا دعوا إِلَيْهِ من الْهدى
قَالَ وَإِنَّمَا أَشَرنَا إِلَى انقسام معنى الْهدى والضلال ليحيطوا علما بِأَنا لَا ننكر وُرُود الْهدى والضلال على غير معنى الْخلق وَلَكنَّا خصصنا استدلالنا بِالْآيِ الَّتِي صدرنا الْفَصْل بهَا وَلَا سَبِيل إِلَى حمله على الدعْوَة
فَإِنَّهُ تَعَالَى فصل بَين الدعْوَة وَالْهِدَايَة فَقَالَ ﴿وَالله يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام وَيهْدِي من يَشَاء﴾ فخصص الْهِدَايَة وعمم الدعْوَة
وَهَذَا مُقْتَضى مَا استدللنا بِهِ من الْآيَات وَلَا وَجه بحملها على الْإِرْشَاد إِلَى طَرِيق الْجنان
فَإِنَّهُ تَعَالَى علق الْهِدَايَة على مَشِيئَته واختياره وكل من يسْتَوْجب الْجنان فحتم على الله عِنْد الْمُعْتَزلَة أَن يدْخلهُ الْجنَّة
وَقَوله تَعَالَى ﴿فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره لِلْإِسْلَامِ﴾ مُصَرح بِأَحْكَام الدُّنْيَا وَشرح الصَّدْر وحرجه وَذكر
1 / 103