وبعد، فلو دعاه الرسول وهو غير كامل العقل، لكان ذلك طعنا في نبوته، وذلك أن الكفار كانوا يقولون بدأ بإمرأته وبصبي من أهل بيته لا خبرة له، فكان يقدح ذلك في حاله! فعلمنا أنه دعاه وله من العقل ما يميز بين المعجز والحيلة، والنبى والمتنبئ، والمشرك والموحد، وهذا يوجب نقض العادة فيه في إكمال عقله على الصبا، وشابه المسيح عيسى (عليه السلام) في كمال العقل على الصغر، فهو كرامة له، ومعجز لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومعجز لعلي.
على أنا قد حققنا في علي أنه عاش- كما رواه الصادق (عليه السلام)- ستا وستين سنة، وروى الناس ثلاثا وستين سنة، فنأخذ بالأقل، وعاش النبي بعد الدعوة ثلاثة وعشرين سنة، وبقي علي بعده تسعا وعشرين سنة وستة أشهر، فهذه اثنتان وخمسون سنة وستة أشهر، يبقى إلى ثلاث وستين عشر سنين وستة أشهر، ومثله في هذا السن ليس بعجيب أن يكون متقدما في العلم، فإن في أولادنا من قد يكمل على هذه السن، والنساء يبلغن عليها، فكيف يجعل صغره طعنا؟
ولإسلامه فضيلة أخرى لا توجد في إسلام المشايخ، وهو أن اسلامه عن فطرة، وإسلامهم عن كفر، وما يكون عن الكفر لا يصلح للنبوة، وما يكون عن الفطرة يصلح لها، ولهذا قال (صلى الله عليه وآله) لعلي:
«إلا أنه لا نبي بعدي، ولو كان لكنته».
ومثل هذا لو روي في غيره، لكنا نعلم بالعقل أنه كذب موضوع، إذ كل منهم لم يؤمن إلا عن الكفر، ولا يصلح إيمانه للنبوة.
ولأيمانه خلة ثالثة تفرد بها، وهو أنه مقطوع على باطنه، معلوم أنه ولي الله، والقوم إسلامهم على الظاهر.
ولا يصح التعلق بقوله: «عشرة في الجنة»،
পৃষ্ঠা ৩১