وفد حاتم الطائي على النعمان بن المنذر، فأكرمه وأدناه، ثم زوده عند انصرافه حملين ذهبا وورقا، غير ما أعطاه من طرائف بلده.
فرحل، فلما أشرف على أهله تلقته أعاريب طيئ فقالت: يا حاتم، أتيت من عند الملك بالغنى وأتينا من عند أهالينا بالفقر.
فقال حاتم: هلم فخذوا ما بين يدي فتوزعوه.
فوثبوا إلى ما بين يديه من حباء النعمان فاقتسموه. فخرجت إلى حاتم طريفة -جاريته- فقالت له: اتق الله وأبق على نفسك، فما تدع من هؤلاء دينارا ولا درهما ولا شاة ولا معزا. فأنشأ يقول:
قالت طريفة ما تبقى دراهمنا ... وما بنا سرف فيها ولا خرق
إن يفن ما عندنا فالله يرزقنا ... ممن سوانا ولسنا نحن نرتزق
ما يألف الدرهم الكاري خرقتنا ... إلا يمر عليها ثم ينطلق
إنا إذا اجتمعت يوما دراهمنا ... ظلت إلى سبل المعروف تستبق
98- وقال أبو بكر بن عياش:
قيل لحاتم: هل في العرب أجود منك؟.
فقال: كل العرب أجود مني. ثم أنشأ يحدث فقال: نزلت على غلام من العرب يتيم ذات ليلة، وكانت له مائة من الغنم، فذبح منها شاة وأتاني بها، فلما قرب إلي دماغها قلت: ما أطيب هذا الدماغ!.
قال: فذهب، فلم يزل يأتيني منه حتى قلت: قد اكتفيت. فلما أصبحت إذا هو قد ذبح المائة شاة، وبقي لا شيء له!.
পৃষ্ঠা ১০৬