كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش، ولا عياب ولا مشاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يؤيس منه راجيه ولا يخيب فيه. قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه. وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا ولا يعيبه ولا يعيره، ولا يطلب عورته، لا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، وإذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، لا يتنازعون عنده الحديث. من تكلم عنده أنصتوا [له] حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم ويقول: ((إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه)). ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام.
7- أخبرنا ابن السليمي وغيره، أخبرنا ابن الزعبوب، أخبرنا الحجار، أخبرنا ابن الزبيدي، أخبرنا السجزي، أخبرنا الداودي، أخبرنا السرخسي، أخبرنا الفربري، أخبرنا أبو عبد الله البخاري، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان، حدثني أبو حازم، عن سهل بن سعد قال:
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة، فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة؟ فقال القوم: هي شملة. فقال سهل: هي شملة منسوجة فيها حاشيتها. فقالت: يا رسول الله، أكسوك هذه.
فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها. فلبسها، فرآها عليه رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه فاكسنيها، فقال: ((نعم)).
فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامه أصحابه، قالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجا إليها وقد سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يسأل شيئا فيمنعه. وفي رواية: لا يرد سائلا.
فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لعلني أكفن فيها.
পৃষ্ঠা ২৫