قال: فرفع عقيرته يتغنى:
إذا قبل الإنسان آخر يشتهي ... ثناياه لم يأثم وكان له أجرا
فإن زاد زاد الله في حسناته ... مثاقيل يمحو الله عنه بها الوزرا
ثم قام إلى فرسه فأصلح من أمره، ثم رجع.
قال: فبرقت لي بارقة تحت الدرع، فإذا ثدي كأنه حق عاج، فقلت: نشدتك الله، أأمرأة أنت؟.
قال: إي والله، إلا أنها تكره العشير وتحب الغزل؟.
ثم جلست، فجعلت تشرب معي، ما أفقد من أنسها شيئا، حتى نظرت على عينيها كأنهما عينا مهاة مذعورة، فوالله ما راعني إلا ميلها على الدوحة سكرى، فزين -والله- لي الغدر وحسن في عيني، ثم إن الله عز وجل عصمني منه، فجلست منها حجرة، فما لبثت إلا يسيرا حتى انتبهت فزعة، فلاثت عمامتها برأسها، وجالت في متن فرسها، وقالت لي: جزاك الله عن الصحبة خيرا.
قلت: ألا تزودينني منك زادا؟ فناولتني يدها فقبلتها، فشممت -والله- منها ريح السياب الفتوق، فذكرت قول الشاعر:
كأنها إذ تقضى النوم وانتبهت ... سحابة ما بها عين ولا أثر
قلت: وأين الموعد؟.
পৃষ্ঠা ১৩৮