وإنما سفهوا المؤمنين لتحقير شأنهم، لأن أكثرهم فقراء وبعضهم موال كصهيب وبلال أو لعدم المبالاة بمن آمن منهم إن فسر الناس بعبد الله بن سلام وأصحابه قال الله تعالى ردا عليهم أبلغ رد ألا أي بلى إنهم هم السفهاء أي الجهال الخرقى ولكن لا يعلمون (13) أنهم سفهاء وإذا لقوا أي المنافقون الذين آمنوا أبا بكر وأصحابه قالوا آمنا في السر كإيمانكم وإذا خلوا أي عادوا إلى شياطينهم أي أكابرهم الذين يقدرون على الإفساد في الأرض وهم خمسة نفر: كعب بن الأشرف من اليهود بالمدينة، وأبو بردة في بني أسلم، وعبد الدار في جهينة، وعوف بن عامر في بني أسد، وعبد الله بن الأسود بالشام. قالوا لهم لئلا يتوهموا فيهم المباينة إنا معكم أي على دينكم في السر إنما نحن في إظهار الإيمان عند المؤمنين مستهزؤن (14) بهم من غير أن يخطر ببالنا الإيمان حقيقة الله يستهزئ بهم أي الله يعاملهم معاملة
المستهزئ في الدنيا وفي الآخرة، أما في الدنيا فلأنه تعالى أطلع الرسول على أسرارهم مع أنهم كانوا يبالغون في إخفائها عنه، وأما في الآخرة فقال ابن عباس : إذا دخل المؤمنون الجنة والكافرون النار فتح الله من الجنة بابا على الجحيم في الموضع الذي هو مسكن المنافقين، فإذا رأى المنافقون الباب مفتوحا خرجوا من الجحيم ويتوجهون إلى الجنة، وأهل الجنة ينظرون إليهم فإذا وصلوا إلى باب الجنة سد عليهم الباب، وذلك قوله تعالى: فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون [المطففين: 29] ويمدهم في طغيانهم أي يزيدهم في ضلالتهم يعمهون (15) أي يترددون في الكفر وتركه متحيرين أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى أي أولئك الموصوفون بالصفات السابقة من قوله: ومن الناس اختاروا الكفر على الإيمان فما ربحت تجارتهم أي فلم يربحوا في تجارتهم بل خسروا وما كانوا مهتدين (16) إلى طرق التجارة، فإن المقصود منها سلامة رأس المال والربح، وهؤلاء قد أضاعوهما. فرأس مالهم العقل الصرف، وربحه الهدى مثلهم كمثل الذي استوقد نارا أي صفة المنافقين في حال نفاقهم كصفة الذي أوقد نارا في ظلمة لكي يأمن بها على نفسه وأهله وماله، فلما أضاءت ما حوله أي فلما أضاءت النار المكان الذي حول المستوقد فأبصر وأمن مما يخافه ذهب الله بنورهم أي أطفأ الله النور المقصود بالإيقاد فبقي المستوقدون في ظلمة وخوف، وتركهم أي المستوقدين في ظلمات ظلمة الليل، وظلمة تراكم الغمام فيه، وظلمة انطفاء النار لا يبصرون (17) ما حولهم، فكذلك هؤلاء المنافقون أمنوا على أنفسهم وأولادهم وأموالهم بسبب إظهار كلمة الإيمان، فإذا ماتوا جاءهم الخوف والعذاب وهم في القبر وما بعده صم عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول بكم عن الخير فلا يقولونه قولا مطابقا للواقع لما سبق أنهم مؤمنون ظاهرا عمي عن طريق الهدى فلا يرونه رؤية نافعة فهم لا يرجعون (18) عن كفرهم وضلالتهم أو كصيب أو صفة المنافقين كصفة أصحاب مطر نازل من السماء أي السحاب ليلا وهم
পৃষ্ঠা ১১