هذا هو الأصل للحجاب.
ولكننا بعد أن حجبنا المرأة احتجنا إلى أن نبرر هذا الحجاب تبريرا عصريا لا يعود إلى عادات السحر القديمة، فصرنا نقول إنها غير ذكية، أو إنها لا تحسن أعمال الرجال، أو إنها تسفه في تصرفاتها، أو تعجز عن الإيفاء بالعهد، أو نحو ذلك.
والذين يقولون هذه الأقوال يجعلون منها أساسا لتبرير الحجاب. وآخر ما قرأت في ذلك كلمة كتبها كاتب شرقي مصري من كتابنا قبل بضع سنوات، هو المرحوم مصطفى صادق الرافعي. فقد وصف أحد مؤلفاته بقوله إنه يقوم موضوعه على «سبب واحد حول فلسفة البغض وطيش الحب ولؤم المرأة».
وهو يقول في هذا الكتاب أيضا: «قيل لحية سامة: أكان يسرك لو خلقت امرأة؟ قالت: فأنا امرأة غير أن سمي في الناب وسمها في لسانها.»
لقد مات هذا المؤلف قبل نحو عشر سنوات. وأعتقد أن الشبان الذين يقرءون هذه الكلمات يشمئزون لسبب واحد، وهو أنهم قد ارتقوا وتطوروا وعرفوا أن المرأة إنسان. ولا يمكن الإنسان في عموميته، أن يكون لئيما؛ لأن وصم المرأة باللؤم هو وصم للإنسانية كلها باللؤم. بل هو وصم للأمومة، وهي أحسن ما في الإنسانية، باللؤم.
إن الشباب المهذب هو الإنسان الإنساني الذي يحترم المرأة؛ ولذلك يستطيع أن يحبها الحب الشريف المقدس، إذ كيف يمكن أن يحب الشاب فتاة وهو يؤمن «بلؤم المرأة»؟
لقد وجدت كاتبا أوربيا يصف حبيبته بقوله: «يا أخت قلبي». ووقفت عند هذا التعبير الجميل معجبا، أتأمل هذا المعنى الحنون وهاتين الكلمتين الرقيقتين.
إنه لفرق عظيم بين كاتب يفكر في المرأة فيذكر الحية والسم، أو يذكر اللؤم. وبين كاتب آخر يذكرها فيقول: يا أخت قلبي. من منهما الإنسان؟ من منهما الرجل البار؟
أيها الشاب المصري كن متمدنا، وكن عصريا، وكن إنسانيا. تذكر أخت قلبك ولا تصدق من يقولون لك إن المرأة حية لها سم، وأنها لئيمة.
الرق والمرأة
অজানা পৃষ্ঠা