وفي هذه المرحلة تقررت مراسم الطلاق في شريعة العبرانيين، وكل ما اشترط فيها على الرجل أن يعطي امرأته المطلقة وثيقة بالتسريح، ولها أن تتزوج بغيره بعد ذلك، ولكنها لا تعود إلى زوجها الأول إذا طلقت من زوجها الثاني أو توفي عنها ذلك الزوج: وفصل ذلك في الإصحاح الرابع والعشرين من سفر التثنية حيث يقول: «إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها فإن لم تجد نعمة في عينيه؛ لأنه وجد فيها عيب شني وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها، وأطلقها من بيته، ومتى خرجت من بيته ذهبت وصارت لرجل آخر، فإن أبغضها الرجل الأخير وكتب لها كتاب طلاق، ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته ، أو إذا مات الرجل الأخير الذي اتخذها زوجة، لا يقدر رجلها الأول الذي طلقها أن يعود يأخذها لتصير له زوجة بعد أن تنجست؛ لأن ذلك رجس لدى الرب.»
وورد ذكر الطلاق على أسلوب مجازي في الإصحاح الثالث من كتاب أرميا حيث يقول، وهو يندد بإسرائيل: «إذا طلق رجل امرأته فانطلقت من عنده وصارت لرجل آخر فهل يرجع إليها بعد؟ ألا تتنجس تلك الأرض نجاسة؟»
وجرت مراسم الطلاق على حسب هذه الشريعة إلى ما بعد ظهور المسيحية؛ إذ روى إنجيل متى أن السيد المسيح سئل عن الطلاق فاستنكره لقسوته وقال: إن من طلق امرأته لغير الزنى جعلها تزني، ودفعه بالزوجة إلى اقتراف الرذيلة: «وقيل: من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم: إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني.»
ويعود متى إلى حديث الطلاق في الإصحاح التاسع عشر فقال: «وجاء إليه الفرنسيون ليجربوه قائلين: هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟ فأجاب وقال لهم: أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى؟ وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا.»
وتعتمد طائفة كبيرة من أتباع الكنائس البروتستانتية على نص في رسالة كورنثوس الأولى لإجازة التفرقة بين الزوجين إذا طال هجر الرجل لامرأته. قال في الإصحاح السابع: «أقول لغير المتزوجين وللأرامل: إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا. ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا لأن التزوج أصلح من التحرق. وأما المتزوجون فأوصيهم - لا أنا بل الرب - ألا تفارق المرأة رجلها، وإن فارقته فلتلبث غير متزوجة أو لتصالح رجلها، أو لا يترك الرجل امرأته. وأما الباقون فأقول لهم - أنا لا الرب: إن كان أخ له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضى أن تسكن معه فلا يتركها، والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهو يرضى أن يسكن معها فلا تتركه؛ لأن الرجل غير المؤمن مقدس في المرأة، والمرأة غير المؤمنة مقدسة في الرجل، وإلا فأولادكم نجسون، وأما الآن فهم مقدسون. ولكن إن فارق غير المؤمن فليفارق. ليس الأخ والأخت مستعبدا في مثل هذه الأحوال.»
ولقد تحول كثير من المسحيين في القارتين الأوروبية والأمريكية إلى نظام قانوني يجيز ثلاثة أحوال في حكم الطلاق، وهي إلغاء عقد الزواج، والتفرقة بين الزوجين، والفصل بينهما مع بقاء الصفة الشرعية للزواج، ويجوز للرجل والمرأة أن يتفقا على الانفصال، وتسوية المسائل المتعلقة بتربية الأبناء، والنفقة عليهم، وتمكين كل زوج من حرية التصرف في حياته، مع إسقاط حق الزوج الآخر في محاسبته فيما عدا الخيانة الزوجية، وتبرم المحكمة عادة أمثال هذا الاتفاق كما اختاره الطرفان، وقد تبتدئ المحكمة بتقرير الانفصال وشروطه، إذا لم يتيسر الاتفاق عليه بينهما، ويتعين في حالة الاتفاق إثبات القسوة البدنية، أو العقلية، أو استحكام الخلاف وصعوبة التوفيق فيه. ولا يعتبر هذا الاتفاق حلا حاسما للخلاف، ولكنه يترك القضية معلقة حتى يقيم أحد الطرفين من الأدلة الكافية ما يثبت الخيانة. •••
ويستطيع كل من الزوجين أن يحصل على الحكم بإلغاء عقد الزواج، إذا ثبت أن التفاهم بينهما على القبول داخله شيء من الخداع أو التزوير، أو ثبت أن أحد الزوجين كان في حالة من حالات القصور عند موافقته على عقد القران.
وبعض الولايات في أمريكا الشمالية يكتفي بإثبات حصول الزنى مرة واحدة من الزوجة لإصدار حكم الطلاق، ولا يكفي ذلك في حالة وقوع الزنى من الزوج، بل ينبغي إثبات معيشته غير الشرعية مع امرأة أخرى، لتطليق امرأته منه، ولا يلزم تقديم الشهود على وقوع الزنى على مرأى من أولئك الشهود، بل يكفي إثبات السلوك الذي يفضي إلى العلاقة الجنسية لتقرير وقوع الجريمة، ومن أمثلة هذا السلوك نزول الرجل والمرأة في الفنادق كأنهما زوج وزوجة، واجتماعهما في عزلة مريبة كما يجتمع الزوجان الشرعيان.
ومن أسباب الطلاق وقوع الغيبة المنقطعة من الزوج أو الزوجة، ولا يبطل الطلاق إذا ثبت بعد ذلك أن الزوج الغائب لا يزال بقيد الحياة.
ولا حاجة إلى الإثبات بالشهادة أو البينة مع اعتراف الزوج المتهم بتهمة الزنى الموجهة إليه، وتسمى القضايا التي يلجأ فيها الزوجات إلى الحصول على حكم الطلاق بالاعتراف، قضايا التواطؤ أو التراضي
অজানা পৃষ্ঠা