التي ميزت بين دعوة الحق والباطل ؛ ولذا قيل : الإسلام بدؤه محمدي وبقاؤه حسيني. وحديث الرسول (ص): «حسين مني وأنا من حسين» يشير إليه ؛ لأن ما قاساه سيد الشهداء إنما هو لتوطيد اسس الإسلام واكتساح أشواك الباطل عن صراط الشريعة ، وتنبيه الأجيال على جرائم أهل الضلال ، هو عين ما نهض به نبي الإسلام لنشر الدعوة الإلهية.
فمن أجل هذا كله لم يجد أئمة الدين من آل الرسول ندحة إلا لفت الأنظار إلى هذه النهضة الكريمة ؛ لأنها اشتملت على فجائع تفطر الصخر الأصم ، وعلموا أن المواظبة على إظهار مظلومية الحسين (ع) تستفز العواطف وتوجب استمالة الأفئدة نحوهم فالسامع لتلكم الفظائع يعلم أن الحسين (ع) إمام عدل لم يرضخ للدنايا ، وإن إمامته موروثة له من جده وأبيه الوصي ، ومن ناوأه خارج عن العدل ، وإذا عرف السامع أن الحق في جانب الحسين (ع) وأبنائه المعصومين ، كان معتنقا طريقتهم وسالكا سبيلهم.
ومن هنا لم يرد التحريض من الأئمة على إقامة المأتم في يوم الأربعين من شهادة كل واحد منهم حتى نبي الإسلام ؛ لكون تذكار كارثته عاملا قويا في إبقاء الرابطة الدينية وإن لفت الأنظار نحوها أمس في إحياء أمر المعصومين المحبوب لديهم التحدث به «أحيوا أمرنا وتذاكروا في أمرنا».
وعلى كل ، فالقارىء الكريم يتجلى له اختصاص زيارة الأربعين بالمؤمن حينما يعرف نظائرها التي نص عليها الحديث.
فإن الأول منها وهو (صلاة إحدى وخمسين ركعة) التي شرعت ليلة المعراج ، وبشفاعة النبي (ص) اقتصر فيها على خمس فرائض في اليوم والليلة ، عبارة عن : سبع عشرة ركعة للصبح والظهرين والعشائين والنوافل الموقتة لها مع نافلة الليل أربع وثلاثون؛ ثمان للظهر قبلها ، وثمان للعصر قبلها ، وأربع بعد المغرب ، واثنان بعد العشاء تعدان بواحدة ، واثنان قبل الصبح ، وإحدى عشرة ركعة نافلة الليل مع الشفع والوتر وبإضافتها إلى الفرائض يكون المجموع إحدى وخمسين ركعة ، وهذا مما اختص به الإمامية ، فإن أهل السنة وإن وافقوهم على عدد الفرائض إلا أنهم افترقوا في النوافل ، ففي فتح القدير لابن همام الحنفي 1 / 314 : إنها ركعتان قبل الفجر ، وأربع قبل الظهر ، واثنان بعدها ، واربع قبل العصر ، وإن شاء
পৃষ্ঠা ৩৬৭