في الصخور كأنها تنتظر خبرا من السماء فهي صامتة ، في الحجارة يكسرها الإنسان بفأسه وهي ساكتة ، في الفجر يطلق من عباءته النور ، في الأذهان بالأفكار تمور ، في الماء ينهمر من السماء ، ويغوص في الرمضاء ، يقبل بالخضرة والنماء ، ويدلف بالحياة للأحياء، يهيج أحيانا ويهدر ، ويزحف ويدمر ، لا تحده الحدود ، ولا ترده السدود ، وعظمته سبحانه في خلق الإنسان ، وتركيبه في أحسن كيان ، حيث جعل في العينين سراجا من النور، وأنشأ في القلب بصيرة تدرك الأمور ، وخلق العقل يقود هذا الكائن ، ويوجهه وهو ساكن ، في النبتة تشق طريقها إلى الفضاء ، وترفع رأسها إلى السماء ، في العندليب يرتجل على الغصن كالخطيب ، في الحمام يشدو بأحسن الأنغام ، يشكو الحب والهيام ، والعشق والغرام ، في الغراب يخبأ رزقه في الخراب ، ويدفن خصمه في التراب ، في الأسد يطارد القنيصة ، ويمزق الفريسة . في النحل يئن ، والذباب يطن ، في الزنبور يرن .
في عالم النبات ، آلاف المذاقات ، ومئات الطعومات ، أخضر يعانق أحمر ، وأصفر يضم أغبر ، في الأوراق تميس في الطل ، في الحشرات تهرب إلى الظل .
في الناقة تحن إلى وليدها ، وتشتاق إلى وحيدها ، في الليل يخلع ثيابه على الآفاق ، في الضباب يخيم على الأرض كالأطباق ، في النار تحرق ، في الماء يغرق .
في الضياء يسطع ، في الضوء يلمع ، في العين تدمع ، في البرق يكاد يذهب سناؤه بالأبصار ، في الصواعق تقصف الصخور والأشجار ، في الرعد يدوي فيملأ العالم ضجيجا ، في الروض يفوح فيعبق به الجو أريجا .
في أهل السلطان بين ولاية وعزل ، وأسر وقتل ، وهزيمة ونصر ، وسجن وقصر ، في الموت يخترم النفوس ، ويسقط على الرؤوس ، ويأخذ الرئيس والمرؤوس ، ويبز العريس والعروس ، ويهدم الأعمار ، ويعطل الأفكار ، ويخلي الديار ، ويدخل كل دار .
পৃষ্ঠা ২০