عن كل عيب تنزهت ، وعن كل نقص تقدست ، وعلى كل حال تباركت ، وعن كل شين تعاليت ، منك الإمداد ، ومن لدنك الإرشاد ، ومن عندك الاستعداد ، وعليك الاعتماد ، وإليك يلجأ العباد ، في النوازل الشداد . حبوت الكائنات رحمة وفضلا، ووسعت المخلوقات حكمة وعدلا ، لا يكون إلا ما تريد ، تشكر فتزيد ، وتكفر فتبيد ، تفردت بالملك فقهرت ، وتوحدت بالربوبية فقدرت، تزيد من شكرك ، وتذكر من ذكرك ، وتمحق من كفرك ، حارت في حكمتك العقول ، وصارت من بديع صنعك في ذهول ، أدهشت بعجائب خلقك الألباب ، وأذهلت الخلائق بالحكم والأسباب ، باب جود عطائك مفتوح ، ونوالك لمن أطاعك وعصاك ممنوح ، وهباتك لكل كائن تغدو وتروح . لك السؤدد ، فمن ساد فبمجدك يسود ، وعندك الخزائن فمن جاد فمن جودك يجود ، صمد أنت فإليك الخلائق تصمد ، مقصود أنت فإليك القلوب تقصد ، تغلق الأبواب عن الطالبين إلا بابك ، ويسدل كل حجاب عن الراغبين إلا حجابك ، خصصت نفسك بالبقاء فأهلكت من سواك ، وأفردت نفسك بالملك فأهلكت من عداك، لا نعبد إلا إياك ، ولا نهتدي إلا بهداك ، أقمت الحجة فليس لمعترض كلام ، وأوضحت المحجة فليس لضال إمام . شرعت الشرائع فكانت لك الحجة البالغة على الضلال ، وبينت السنن فما حاد عنها إلا الجهال ، نوعت العقوبة لمن عصاك ، وغايرت بين النكال لمن عاداك ، جعلت أسباب حياته مماته ، علة إنطاقه إسكاته ، أحييت بالماء وبه قتلت ، وأنعشت الأرواح بالهواء وبه أمت ، أشهد أنك متوحد بالربوبية ، متفرد بالألوهية ، أنت الملك الحق المبين ، وأنت إله العالمين ، وكنف المستضعفين ، وأمل المساكين ، وقاصم الجبارين ، وقامع المستكبرين .
ولما جعلت التوحيد شعاري ، مدحت ربي بأشعاري ، فقلت في مدح الباري :
পৃষ্ঠা ১২