قلاقل عيس كلهن قلاقل والطلاب في ضحكهم هائمون . ثم قلت للأستاذ : سامحني يا علم الأفذاذ ، فقد تذكرت بيت الأعشى :
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني
شاو مشل شلول شلشل شول
وشجعني أن بضاعته من العلم مزجاة ، فقلت : أزجي الوقت كما أزجاه ، وإذا ذهب العلم فليذهب الجاه .
وكنت أستأذن بعضهم في أول كل محاضرة ، ووجوه الطلاب يومئذ ناظرة ، فأنظم أرجوزة ، أبياتها مهزوزة ، فيتركني الأستاذ ولسان حاله يقول : دعوه على حاله ، فالله هو الذي يهب العقول . ولا أفعل هذا إلا مع أستاذ هو كل على مولاه ، فأريد أن أجازيه على ما أولاه .
ومرة ذهبنا في رحلة برية ، فجعلوني رائد السرية ، فانذهل مني المدرب وتعجب ، واستغرب وتعذب ، فلم أظهر له أنني عنيد ، بل جعلت نفسي كأنني أبله بليد ، فإن صاح فينا : استعد استرحت ، وإن قال : استرح استعديت ، وإذا قال : إلى الأمام سر ، رجعت إلى الورى ، وإذا قال : إلى الخلف در مشيت إلى الأمام ، وإذا طلب منا العد بالأرقام ، قفزت عشرين رقما للأمام ، فإن كان رقمي عشرة قلت : ثلاثون ، والناس يضحكون ، والكل مرتاحون ، إلا المدرب فقد جف ريقه ، وظهر حريقه .
وربما تساجلنا في بعض الأمسيات ، فأنظم في الحال الأبيات ، وليس هذا والله من المبالغات .
وربما أنشد بعضهم نصف بيت سابق ، فأكمله من عندي :
نحن الذين صبحوا الصباحا
فقلت :
وقد أكلنا الموز والتفاحا
وقال آخر :
حتى إذا جن الظلام واختلط
فقلت :
سمعت صوت القط من بين القطط
وكان أستاذ يلحن في العربية ، فكنت أقول :
واللحن عند شيخنا يجوز
كقولهم مررت بالعجوز
وأنشدنا أستاذ الأدب بيت صفي الدين الحلي
سل الرماح العوالي عن معالينا
واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا
فذكرت حالنا المعاصر ، فقلت :
سل الصحون التباسي عن معالينا
পৃষ্ঠা ২৪