وقد قلت: إن النكتة السخيفة تضحك الفارغين والسذج، ولكننا نحب أحيانا شيئا من الغفلة نرتاح إليه.
اعتبر هذه النكتة الفرنسية:
كان أحدهم يسير في حقل، فرآه كلب فنبح، وعدا خلفه، وخاف الرجل فعدا أيضا، ورآه آخر فقال له: لا تخف، ألا تعرف المثل الذي يقول: إن الكلب النابح لا يعض. فقال الرجل: أنا أعرف المثل، ولكن هذا الكلب لا يعرفه.
من منا لا يضحك على هذا السخف، وأيضا من منا لا يضحك بعشرات النكات السخيفة التي عزيت إلى جحا؟
رسالة الكاتب
الفرق بين الكاتب وقرائه أنه هو أكثر وجدانا منهم، أي: إنه يجد نفسه، في أبعادها الزمنية والمكانية، أكثر مما يجدون هم أنفسهم، ومهمته أن ينقلهم إلى درجة وجدانه ويكسبهم ضميره.
مهمة الكاتب أن يرفع القارئ من الزقاق إلى الشارع، ومن الشارع إلى المدينة، ومن المدينة إلى القارة، إلى هذا الكوكب كله، مهمة الكاتب أن يملأ صدر القارئ باهتمامات هي هموم جديدة، هموم بشرية تزيد على همومه الشخصية، كما يملأه بمسرات الحياة بأن يكشف له عن ألوان من الجمال والشرف والحق والقوة لم يكن يعرفها من قبل في الطبيعة والإنسان والفن.
مهمة الكاتب أن يحمل القارئ على أن يأبى أن يحيا حياة الحشرة بهموم شخصية وضيعة: أكل وشرب ومسكن، وأن يكسبه هموما بشرية عظيمة كالحرية والثقافة والحضارة والفن والثورة.
مهمة الكاتب أن يجعل القارئ يحيا الحياة التاريخية، ويحس أنه إنسان عظيم له مشاركة في تغيير هذه الأرض وترقية مجتمعاتها وتطوير حضارتها.
مهمة الكاتب أن يقول للقارئ: أنت لست تاجرا تبيع الأقمشة أو البقول، إنما أنت إنسان عظيم قد احتاجت الطبيعة إلى ألف مليون سنة كي تخرجك من رحمها بعد آلاف التجارب التي لم تنجح في إخراج مثلك، أنت قمة التطور، أنت سلطان هذه الأرض.
অজানা পৃষ্ঠা