وبجوارنا يسكن العم حسين مع عائلته وكان مسئولا ماليا عن المركز ويشاركنا حياتنا ، والعم حسين إشترى ديكا من السوق الأسبوعي ، كان الغرض الأساسي منه هو التنبيه لصلاة الفجر وكان ديكا متميزا وغير عادي ، وما لبث أن سيطر بقوة وقسوة ودكتاتورية عاتية على قطعان الدجاج وطرد وأستذل الديوك الأخرى مما أظطرنا أن نقودها لمصيرها المحتوم ذبحا للغذاء .. واستتب الأمر للديك المتفرد فكل الديوك سحقت وأكلت ، وبقي وحيدا متفردا بالسلطة على الدجاج اللائى حضعن وخنعن وأستسلمن لجبروته وعنجيهته وأستسلمن له ومنهن دجاجتي ، ويبدوا أن ذلك الديك إستمراء حكمه الفردي المستبد فقام بحركات مذهله ومثيرة منها أنه يقوم بتحديد أماكن التعشيش للبيض ويسوق الدجاج ويجمعها قسرا كي تضع بيضها بدهاليز العم حسين ومنهن دجاجنا ودجاجتي الخاصة أولهن .. ثم يقوم بحراستهن ويمنع عنهن كل دخيل بما في ذلك القطط التي باتت ترهبه وتتحاشى التحرش به فما أن يشاهد قطة تقترب حتى يهب إليها مبرزا مخلبيه قبل منقاره الحاد والرهيب وكان ذلك كفيلا أن يجعل القطط ترتعد وتجفل هاربة لاتولي على شئ من أمرها طالبة السلامة والأمان ، وشكل الديك رعبا حقيقيا حتى أن الكلاب كانت تتجنبه ، ومع مرور الأيام أصبح يشكل خطورة على الأطفال فما أن يقترب أحدنا من قطعان الدجاج حتى يقفز عاليا ويطير ويصفق بجناحيه وقد يغرس براثنه بثياب الطفل وأحيانا يسبب جرحا بجسده ، ولم تقتصر غزواته وإرهابه على الصغار بل تعدتها لتشمل كبارا .. كان يثب عليهم مزمجرا مولولا ، وكان أحد المراجعين بالمركز من الكبار يهم بدخول فناء المركز فأعترضه الديك لكن المراجع البدوي لم يأبه في البداية لهذا الوحش المتمثل في شكل ديك .. لكنه وبعد إحساسه ببراثن الديك إستل خنجره محاولا الفتك بالديك ، وكان أبي قريبا من المكان فتدخل وهو غارق في الضحك ، لكن البدوي إعتبر الوضع إهانة لكبريائه ورجولته فما كان من أبي سوى تهدئة الأمور وتطييب الخواطر وتحويل الأمر إلى نكتة ... وأستجد أمر آخر فخلال إستضافة والدي لمأمور جمع الزكوات (القباظ) هم الضيف بدخول الفنآء وهو يأتي المركز لأول مرة ولم يتفطن لما ينتظره ، هاجم الديك ذلك الرجل وبشراسة مما جعله يصيح بأعلى صوته مذعورا لهول المفاجآءة ، وكما قال كنت أتوقع غدرا آدميا أما أن يغدر بي ديكا فهذا أمر غير منطقي ، وبين الضحك ومنظر الرجل المتألم .. أستدعى والدي العم حسين صاحب الديك عارضا عليه ثمن مجز ثم ذبح الديك واستبداله بديك أكثر رزانة وألفة وذو طابع دجاجي كسائر جنسه ، لكن العم حسين رفظ بشكل قاطع وعرض سببا وجيها وهو أن القطط المنزلية ما فتئت تهاجم صغار دجاجه وتفترسها ، وأن هذا الديك العنيد مفيد بالنسبة له ولنا ، وواسى والدي المأمور ثم لقنه تعليمات مفيدة للحيطة والحذر من ذلك الديك الشرس ومنها أنه يجب الابتعاد قد الإمكان عن دجاجاته وحاشيته لأنه ديك غيور ولايسمح للقطط والكلاب من الإقتراب من عرينه (أسد) وضحك المأمور وهو يغسل رقبته التى أحدث الديك بها أثارا وقال الحمد لله أن وجودي هنا مؤقت ..
ماكان لأبي أن يؤذي مشاعر جاره العم حسين رغم تمسكه بالديك الشرس المؤذي ، وكان أبي يرشدنا كيف نتجنب الإشتباك مع الديك أو التحرش به ثم تحاشيه ، وبالرغم أنني كنت أتوق لرميه بحجر فأشفي غليلي وحقدي عليه وخاصة عندما أشاهده يحتكر ويسيطر على دجاجاتي قسرا ثم يسوقهن لوضع البيض في المكان الغير مرغوب به ، حيث كان يلزمني أستنجد بأمي بالرضاعة زوجة العم حسين بجمع البيض وإسترجاعه ، فتقوم المرأة بحمايتي من الديك المفزع الذي كان يقف منتصبا بشموخ ونرجسية وكبرياء مستعرضا ريشه الملون وعينيه تقدح شررا مشهرا بين فنية وأخرى مخلبه الأسدي محدثا لي رعبا وهلعا بحيث كانت تتكسر مني بعض البيض فأصرخ بأعلى صوتي مناديا أمي بالرضاعة طالبا النجدة ..
পৃষ্ঠা ৩৪