والبساطة والصبر ذات جذور ثقافية عميقة بمجتمع الهند فهي تدرس وتمارس ... فلك أن تتصور أن أحدهم يقف دون حراك على قدم واحدة فاردا ذراعيه في الهواء كالطير لمدة ثمان ساعات أو أكثر في عملية تأمل ومناجاة روحية .... وهذه الدروس أواليوقا تمارس بشكل طبيعي لتعليم الصبر والتحمل والبساطة ،،، والبساطة والقناعة والرضى مبداء مشكوك به في غير بلاد الهند ولنا مثل بأغنية عربية لصباح عالبساطة ،، لكن وبسرعة تداركت صباح ذلك الغلط بأغنية أخرى ... هي غلطان بالنمرة ، وهكذا يبدو أن بساطة الهند لايمكن تعميمها والراي لصباح ففي الأولى تحب البساطة ، لكن ما تلبث أن تناقضها ببيت بشارع الحمراء ..
نعود للهند بلد العجائب والغرائب والثقافات واللغات المتعددة وحتى الدماء والأعراق البشرية ولعله من قبل المعرفة أن أكبر عدد من أصحاب البشرة السوداء هم هنودا وليسوا أفارقة كما يتبادر للذهن للوهلة الأولى .. تتسم الهند ذات الكثافة السكانية متعددة الطبقات والتطبيقات بكثير من التناقضات ففيما الهند مركزا عالميا لإنتاج برامج الكمبيوتر التي هي الروح للحاسب الآلي (الكمبيوتر) وتطبيقاته المعقدة وتتهافت الشركات العملاقة المتخصصة في التقنيات العلمية المتطورة على الفوز بعباقرة الهند من مبرمجين وتقنيين ذو المهارات العالية المشهود لها في شتى علوم التقنية الحديثة ،، وليس الكمبيوتر وحده ولكن في تخصصات كثيرة ونادرة وهامة ،، ومن البديهي معرفة مركز الهند في إنتاج الأفلام السينمائية .. أحد وسائل الإعلام الفعالة ..
ومع كل ذلك كانت الطرافة أو المنظر المضحك المبكي أن تنتعش سوق الشعوذة والتنجيم عقب كارثة الزلزال المريع ، بل وتنتفخ كروش المنجمين وجيوبهم بمصدر دخل غير متوقع وغير عادي ... وتسيل المادة تحت أقدامهم أنهارا ، فالسكان المفجوعين الثكالى والأيتام يتكدسون أكواما أمام قارئة فنجان ، أو مشعوذا ممسكا ببيضة بلور يستطلع العالم الخفي كما يزعم ؟؟... وآخرون يقرأون كتبا تتحدث عن النجوم ،، وأخرون بالودع والحصى والبخور وطرق لاحصر لها !!! تتعدد أساليبها ووسائلها .... والنتيجة إفراغ جيوب هؤلاء البشر المفجوعين ، كثيرا من السكان البسطاء يأتون بشغف وحماس لإستطلاع الحظ والكشف عن المستقبل ومعرفة ما سيحدث (أستغفر الله) ..
أليس غريبا هذا ..؟؟ لكن الهند كما أسلفت بلد التناقضات ،، والغريب أن هؤلاء السكان المنكوبين المرعوبين لم يخطر ببال أحدهم سؤال هام هو .. لماذا لم يتنباء هؤلاء المنجمين الأفذاذ بخطر الزلزال القادم سلفا ...؟ ولماذا لم يبحثوا بين أسفارهم (كتبهم) عن تمائم وتعاويذ تقلل خسائرهم أو تجعلها في الحد الأدنى ،، كتحذير سكان المنطقة من خطر داهم وشيك الوقوع ... وبذا يتحاشى هؤلاء البسطاء على الأقل تدمير أثاث منازلهم ، وبالطبع النجاة بأرواحهم في البداية ، ..
ربما جاز لنا في أن نطبق القول اليمني الشهير على الهند ... بلاد العلم والحلم والحميرة ..
পৃষ্ঠা ১৬