كانت قائمة المقولات عند «كانت» نقطة بداية قوائم أخرى، نسبتها إلى قائمة كانت هي نفس هذه القائمة إلى قائمة أرسطو. فلنعط فكرة موجزة عن قائمة هاملان،
8
التي كانت موضوعا لبحثه في كتاب «دراسة العناصر الرئيسية في التمثل».
Essai sur les élémenls principaux de la représentation.
في هذا الكتاب تطلع هاملان إلى بناء سلسلة المقولات كلها عن طريق العملية الثلاثية التي سار عليها كانت، وهي: الوضع، ونقيضه، والمركب من الوضع ونقيضه. (1) الإضافة، والعدد، والزمان
إن نقطة البداية هي مقولة الإضافة، إذ إن كل تفكير إنما ينحصر في تقرير صلة أو علاقة بين حدود متفرقة، والتفكير ربط؛ فالعالم في نظر الفكر «سلسلة متدرجة من العلاقات» ولا شيء منعزل فيه على الإطلاق، بل إن الأضداد إنما هي متضايفات، إذ إن كلا منها يستبعد الآخر، وذلك، في الحق، نوع من التبعية المتبادلة. فالإضافة إذن هي المقولة الأولى، ونقيض الإضافة هو العدد؛ فالعدد مكون من وحدات، على أن الوحدات لا يمكن تقريرها، بوصفها وحدات، إلا إذا تصورناها متفرقة على نحو ما. فعندما يقال عن أشياء إنها «اثنان» مثلا، يكون معنى ذلك أن لكل منها وجودا مستقلا يكون على نحو ما، عالما لا سبيل للثاني إليه. وهكذا تكون لدينا مقولتان متضادتان: الإضافة والعدد، فماذا يكون المركب منهما؟ لا بد أن يكون مقولة تستبقي من العدد قانون التشتت، والاستبعاد المتبادل الذي يفرق بين الوحدات، ومع ذلك تبقي على علاقة بينها. وذلك هو الزمان، إذ إن لحظات الزمان تفر كل منها من الأخرى، إلى حد أن كل لحظة تلقي - في حينها - بالأخريات في هوة العدم، التي يمثلها الماضي. ومع ذلك فإن لحظات الزمان تظل مرتبطة. ذلك لأن الماضي، وإن لم يعد له وجود، فهو على الرغم من ذلك يتحكم في الحاضر، الذي يحتفظ منه بأثر في الذاكرة. تلك إذن هي المجموعة الثلاثية الأولى: الإضافة والعدد والزمان وهي المجموعة التي تكونت بناء على طريقة «كانت». (2) الزمان والمكان والحركة
المقولة المقابلة للزمان هي - بطبيعة الحال - المكان. هذا إلى أن اللغة ذاتها تؤكد ثنائية الزمان والمكان، وليس من الصعب أن ندرك فيم يتضادان؛ فالزمان ينصرم والمكان باق، ويحفظ أجزاءه المختلفة معا كما لو كانت «متزامنة»، والزمان يكون سلسلة وحيدة، وليس له - كما قيل عنه - سوى بعد واحد، بحيث أنه إذا لم تتعاقب الحادثتان في الزمان، أعني إذا لم تكن إحداهما سابقة على الأخرى ولا لاحقة بها، كانتا مقترنتين في الزمن، وتنطبق إحداهما على الأخرى من الوجهة الزمانية. أما في المكان فمن الممكن ألا تتطابق الأشياء وذلك بصور مختلفة (أي بثلاث طرق، ما دام للمكان ثلاثة «أبعاد») وإذن فهناك تضاد بين المكان والزمان، ولكن يوجد بينهما، رغم ذلك، خصائص مشتركة تسمح بتكوين مركب بينهما؛ فهما متجانسان ومتصلان، والمركب منهما هو الحركة؛ فالحركة هي تغيير الموقع في المكان خلال الزمان، وهي بدورها متجانسة ومتصلة، شأنها في ذلك شأن المقولتين اللتين تكونت منهما. فالمجموعة الثلاثية الثانية هي إذن: الزمان، والمكان، والحركة. (3) الحركة، والكيف، والاستحالة
9
تستبقي الحركة من الفكرتين اللتين ولدتاها، صفة كونها «مركبة» أعني أن أجزاءها لا يمكن أن تتحد إلا مع تجاورها وبقائها متميزة، ولذا كان هناك علم رياضي خاص للحركة، كما أن هناك علما رياضيا خاصا للمكان وللزمان. فسرعة الحركة يمكن أن يقال عنها أنها مجموع سرعات متعددة أصغر منها، تدرك فيها بوضوح؛ فالجسم المتحرك الذي يتنقل بمعدل 10 أمتار في الثانية، يصبح في نهاية هذه الثانية عند طرف خط يمكن أن يميز فيه خطان كل منهما 5 أمتار مثلا، ويمثل كل منهما سرعة حركتين تبلغ كل منهما هذه الحركة في البطء، تلك إذن هي صفة «التركيب» في الحركة، ومقابل المركب هو «البسيط»، والبسيط هو ما لا يتركب من أجزاء يمكن تمييزها، ومن ثم كان بأسره في كل من أجزائه، فالشيء الأبيض يكون بياضه في المليمتر المربع منه معادلا لبياضه في المتر المربع، وذلك ما يعبر عنه القول إن الأبيض «كيف» فنقيض الحركة هو «الكيف»، والمركب منهما هو تحرك الكيف أو تغيره، الذي يطلق عليه «هاملان» اسما أرسطوطاليا هو الاستحالة (كالابيضاض والاحمرار والاستدفاء والتصلب). تلك هي إذن المجموعة الثلاثية الثالثة: الحركة، الكيف، الاستحالة. (4) الاستحالة، النوعية، العلية
نستطيع أن نهتدي إلى نقيض الاستحالة إذا تصورنا عالما تسوده استحالة دائمة لا يقابلها شيء، مثل هذا العالم تتغير كيفياته بلا انقطاع، دون أن يتمكن المرء من أن يميز فيها شيئا ثابتا، وفي مقابل ذلك، يتمثل الثبات في عالم ترتبط كيفياته بعضها ببعض على نحو تكون معه إحداها شرطا في كيفيات أخرى تندرج تحتها، وذلك هو اندراج الأنواع تحت الجنس، وهذا ما سماه «هاملان» بالنوعية، وهو النقيض الثابت للاستحالة الدائمة التغير، وهو أيضا أساس التصنيف، أما المركب من الاستحالة والنوعية، فهو العلية: والواقع أن العلاقة بين العلة والمعلول هي في آن واحد علاقة تغير وثبات، إذ إن سلسلة العلل والمعولات هي تيار لا ينقطع، ومع ذلك فإن هذا التيار تنظمه قوانين لا تتبدل. فالمجموعة الثلاثية الرابعة إذن هي الاستحالة، والنوعية، والعلية. (5) العلية، والغائية، والشخصية:
অজানা পৃষ্ঠা