). (أ) الوثبة الحيوية
l’élan vital
كان تأثير برجسون هائلا في هذه الأبحاث. فقد كان مقتنعا بصحة نظرية «فيسمان»، وفي الوقت ذاته كان يدرك أن مذهب دارون في صورته الأصلية وفروعه الحديثة غير كاف، فأكمل هذا المذهب بنظرية ميتافيزيقية استخدمها علماء الحياة بعد أن حولوها إلى منهج بيولوجي. تلك هي نظرية «الوثبة الحيوية».
32
ويطلق برجسون اسم الوثبة الحيوية على دفعة مبدئية، ذات طبيعة روحية، تشبه إلهام الفنان؛ بل تشبه الفيض الصوفي، تبعث المادة وتعدها للخلق، وتدفعها إلى قبول الحياة أولا، ثم إلى إنتاج أنواع أكثر تحررا من الجمود الأول، حتى تنتهي إلى النوع الإنساني الذي يتوقف عليه المستقبل الروحي لهذا الكوكب. ومن الواضح أن مذهبا من هذا القبيل لا يمكن أن ينقل كما هو إلى مجال البيولوجيا. ولكن علماء البيولوجيا استبقوا منه ما يلي: إن هناك «قوة» تسيطر على التغيرات التي تطرأ على الحياة، وهي قوة لا تحددها غايتها؛ بل يحددها ما تتجه إليه من تباعد متزايد عن نقطة البدء، وهي تسيطر على كل صور الحياة. وهاك ما صنع علماء البيولوجيا بهذه الفكرة: فهناك قانون للتعاقب، يحدد ظهور الأنماط البيولوجية. فنحن نرى مثلا أن العضو الواحد (وهو العين، في المثل الذي ضربه برجسون) ينمو «عن طريق عمليات في التكوين الجنيني مختلفة كل الاختلاف.»
33
وذلك في الفروع المختلفة لشجرة النسب (وهنا كان برجسون يقارن بين العين عند الفقريات والعين عند اللافقريات). (ب) وهناك سلسلة أخرى من الأبحاث تحدد موقع الكائنات الحية على هذا الكوكب، وتحدد مدى ارتباطها بالإقليم الجغرافي الذي تحيا فيه، وتحاول رسم خطوط الهجرة التي سبق أن مرت بها (الجغرافيا الحيوية
Biogeographie ). (3)
والأساس الأخير للمنهج التطوري هو إدخال المنهج التجريبي الإيجابي في البيولوجيا. فقد كان علماء التاريخ الطبيعي السابقون يقفون عند حد الجمع والتصنيف، أما علماء الحياة في أيامنا هذه فهم أصحاب تجارب قبل كل شيء. (12) البيولوجيا الحالية تشتمل أساسا على علم الأجنة والوراثة
إن المشكلة الكبرى في البيولوجيا تنحصر في تحديد شجرة نسب الأنواع الحيوانية والنباتية، وحول هذه المشكلة تدور مسألتان أخريان أدى تأثير هذه المشكلة إلى تجديد البحث فيهما، وهما: (1)
অজানা পৃষ্ঠা