4
على «فكرة موجهة» تحققها قوة داخلية وتحميها، وتعمل على امتدادها، وهذه الفكرة هي مصدر وحدة الكائن الحي. (6) وبذلك يكون للكائن الحي «مصير» خاص به، وتمر حياته بسلسلة من «المراحل » التي تتحدد من الداخل، فالكائن الحي «يهرم» على حد تعبير برجسون، أي أنه يسير من الميلاد إلى الموت عبر سلسلة من المراحل التي «تنضجه»
5
ثم تؤدي به إلى الهلاك، ومدة حياته محدودة.
وما دام الأمر كذلك، فإننا ندرك السبب في أن بعض الفلاسفة اعتقد أن التفسير المألوف في العلوم الطبيعية الكيميائية لا ينطبق على الكائنات الحية، لأن هذا التفسير يقتضي أن يكون موضوعه داخلا في نطاق الحتمية العامة، دون استثناء أو امتياز، وألا يكون متصفا أو منفردا بشيء خاص به، وأن تكون طبيعته خارجة عنه تماما. أو على الأصح، ألا تكون له «طبيعة» ولا «ماهية»، إذ يفسر كل ما يطرأ عليه تفسيرا كاملا بالبيئة المحيطة به والقوانين التي يخضع لها، وهذه القوانين ليست كامنة فيه؛ بل إن هذا هو الشرط الذي يسمح بتطبيق الرياضة على المادة، إذ لا تكون للمادة قوانين رياضية ولا علم طبيعة رياضي، إلا إذا فسرنا كل ما يطرأ على المادة بعلاقات متناسبة رياضيا مع ما هو خارج عنها. ويترتب على ذلك أن التفسير العلمي ينتقل من الأجزاء إلى الأجزاء ومن الأجزاء إلى الكل، ولكنه لا ينتقل أبدا من الكل إلى الأجزاء؛ بل إن العلم لا يعرف كلا وفردا بالمعنى الصحيح، وهذا هو ما يسمى بالتفسير عن طريق الأسباب.
ولقد رأينا الآن أن الحياة تتطلب، فيما يبدو، نوعا آخر من التفسير، ذلك هو التفسير بالغايات، أو بالغائية. والغاية هي الهدف المقصود، وليست مجرد نتيجة؛ فالغائية هي تفسير الظواهر بفكرة موجهة يعبر عنها الكائن العضوي أو ينطوي عليها. وهي - على حد تعبير «لاشلييه» الموجز - «علية الفكرة»
6
في حين أن العلم لا يعترف إلا بعلية الظاهرة السابقة.
فإذا كانت الغائية «حقيقية»، فإنها تزودنا بالتفسير «الصحيح» أي إن أداء الوظائف في الكائنات العضوية يرجع إلى «الطبيعة» و«الماهية» و«الفكرة الموجهة» لا إلى تركيب الكائن العضوي، أي طريقة تنظيم «أجزائه» أي إنه إذا كانت هناك وظيفة تسمى بالهضم، فذلك راجع، في نظر التفسير العلمي، إلى أن الكائن العضوي يشتمل على معدة، وعلى عصارة هضمية، أما في التفسير الغائي، فإن المعدة والعصارة الهضمية توجدان من أجل الهضم، أي لكي تتم عملية الهضم، فالوظيفة «تخلق» العضو، والحياة «تخلق» الكائن الحي. (3) الفسيولوجيا تتجه إلى الاستغناء عن التفسير الغائي
من الصحيح أن هناك تصورا معينا للغائية يوقعنا في أسئلة عسيرة لا سبيل للعلم إلى الإجابة عنها، وذلك بقدر ما يظل هذا التصور مرتبطا بالفلسفة التلقائية التي ترى الإنسان صانعا
অজানা পৃষ্ঠা