والأخلاط (الأمشاج) أربعة: دم، بلغم، مرة صفراء، ومرة سوداء. والبلغم؛ منه حلو وهو حار رطب. ومنه مالح. وهو حار يابس. ومنه حامض وهو بارد يابس. ومنه مسيخ وهو بارد رطب. ومنه نوع خامس زجاجي، وهو أبرد أنواع البلغم وأرطبها. ولا يستحيل إلى الدم. وكل خلط يخرج من الفم بالقيء أو بالبصاق أو ينحدر من الرأس أويخرج من الفم بالتنخع، ولا طعم له في طبيعته يسمى بلغما. فإذا خالف مزاجه واكتسب طعما بحرارة مفرطة، نسب إلى الطعم الذي يغلب عليه. فإن كانت الحرارة التي تعمل في البلغم حرارة طبيعية هضمته وصيرته عذبا حلوا كطعم الدم. وهذا اصنف من البلغم لا تغتذي به الطبيعة كما تغتذى من الدم. فإن كانت الحرارة العاملة في البلغم حرارة خارجة عن الطبيعة قهرته وهضمته وصيرته مالحا. وإن قهرها صار البلغم حامضا. وأما إن كانت الحرارة التي تعمل في البلغم حرارة طبيعية. هضمته وصيرته عذبا حلوا كطعم الدم. وهذا الصنف من البلغم تغتذي به الطبيعة كما تغتذي من الدم.
والبلغم يتولد في البدن من أطعمة باردة رطبة في الهضم الأول الكائن في المعدة. وهو يتولد من غذاء لم يستحكم انهضامه. ولذلك لم تحدث الطبيعة له وعاء يقبله كالعروق والأوردة التي هي وعاء للدم، وكالمرارة التي هي وعاء للصفراء، وكالطحال الذي هو وعاء للسوداء. فما صار منه إلى الكبد وجداوله استحال وصار دما، وما بقي منه في الأمعاء ولم ينحدر إلى الكبد، اندفع من الأمعاء وانغسل بالمرة الصفراء المنقية للأمعاء الغاسلة لها بحدتها وحرافتها كالبورق الغاسل الجالي.
والبلغم الحلو العذب لا يخرج من البدن لحاجة البدن إليه لأنه يغذوه كالدم. وكذلك البلغم الطبيعي الذي لا طعم له. وهذان النوعان من البلغم، أعني البلغم الحلو والبلغم الذي لا طعم له كالماء، لا يخرجان من البدن لحاجة البدن إليهما لحركة المفاصل وترطيب الأعضاء والدماغ خاصة لئلا يجف فيصيرإلى الفساد .
وأما النوعان الآخران من البلغم أعني المالح والحامض، فإنهما خارجان من الطبيعة فينقيان البدن وينقى البدن منهما.
والمرة الصفراء: منها ما يتولد في الكبد ومنها ما يتولد في المعدة...
পৃষ্ঠা ৩১