وفي كنز العمال: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قحط الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج من المدينة إلى بقيع الغرقد معتما بعمامة سوداء قد أرخى طرفها بين يديه، والأخرى بين منكبيه، متكئا قوسا عربية، فاستقبل القبلة، فكبر وصلى بأصحابه ركعتين، جهر فيهما بالقراءة، في الأولى {إذا الشمس كورت }[التكوير:1] والثانية {والضحى} ثم قلب رداءه لتنقلب السنة ثم حمد الله عزوجل وأثنى عليه، ثم رفع يده فقال: (اللهم صاحت بلادنا، واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا، اللهم منزل البركات من أماكنها ، وناشر الرحمة من معادنها بالغيث المغيث أنت المستغفر للآثام، فنستغفرك للجامات من ذنوبنا، ونتوب إليك من عظيم خطايانا، اللهم أرسل السماء علينا مدرارا واكفا مغزورا من تحت عرشك من حيث ينفعنا، غيثا مغيثا دارعا رائعا ممرعا طبقا غدقا وخصبا تسرع لنا به النبات، وتكثر لنا به البركات، وتقبل به الخيرات، اللهم إنك قلت في كتابك: {وجعلنا من الماء كل شيء حي }[الأنبياء:30] اللهم لا حياة لشيء خلق من الماء إلا بالماء، اللهم وقد قنط الناس أو من قنط منهم وساء ظنهم وهامت بهائمهم، وعجت عجيج الثكلى على أولادها إذ حبست عنا قطر السماء، فدقت لذلك عظمها، وذهب لحمها، وذاب شحمها، اللهم ارحم أنين الآنة، وحنين الحانة، ومن لا يحمل رزقه غيرك، اللهم ارحم البهائم الحائمة، والأنعام السائمة، والأطفال الصائمة، اللهم ارحم المشائخ الركع، والأطفال الرضع، والبهائم الرتع، اللهم زدنا قوة إلى قوتنا ولا تردنا محرومين، إنك سميع الدعاء، برحمتك يا أرحم الراحمين)، فما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى جادت السماء، حتى أهم كل رجل منهم كيف ينصرف إلى منزله، فعاشت البهائم وأخصبت الأرض وعاش الناس كل ذلك ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كر ورجاله ثقات.
وفيه: سئل أنس هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يديه؟ قال: نعم شكا الناس إليه ذات يوم جمعة فقالوا: يا رسول الله، قحط المطر، وأجدبت الأرض، وهلك المال، فرفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه، وما في السماء قزعة سحاب، فما صلينا حتى إن الشاب القوي القريب المنزل ليهمه الرجوع إلى منزله، فدامت علينا جمعة تهدمت الدور، واحتبس الركبان، فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من سرعة ملالة ابن آدم فقال: ((اللهم، حوالينا ولا علينا)) ش.
وفيه: عن أنس قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وشكا إليه قلة المطر، وجدوبة السنة، فقال: يا رسول الله لقد أتيناك وما لنا بعير ينط ولا صبي يصطبح وأنشد:
أتيناك والعذراء يدمي لبانها
وقد شغلت أم الصبي عن الطفل
وألقت بكفيها الفتى لاستكانة
من الجوع ضعفا ما يمر وما يحلي
ولا شيء مما يأكل الناس عندنا
سوى الحنظل العامي والعلهزالفسل
وليس لنا إلا إليك فرارنا
পৃষ্ঠা ৫৯