160

عدمه فقط كالمانع ، فيجب أن يكون معدوما ، وإما بحسب وجوده وعدمه معا كالمعد ، إذ لا بد من عدمه الطارئ على وجوده ، فيجب أن يوجد أولا ثم يعدم ، فيستفاد من ذلك ومن غيره مما ذكروه من معنى الشرط أنه يعتبر في مفهوم الشرط ، أن يكون أمرا وجوديا يتوقف وجود مشروطه عليه ، ويجتمعان معا في الوجود ، ويلزم ذلك أن يكون بانتفائه ينتفي المشروط ، وأن يكون أمرا خارجا عن حقيقة المشروط ، إذ لو كان نفس المشروط أو داخلا فيه ، كان توقف المشروط عليه توقفا للشيء على نفسه ، أو على ما هو داخل في حقيقته ، وهو ممتنع ، إذ الموقوف والموقوف عليه يجب أن يكونا متغايرين ، وأن لا يكون هو مباين الذات للمشروط ، إذ المباين لا يمكن أن يكون مما يتوقف عليه وجود مباينه ، وكل ذلك ظاهر.

وإذا تقرر هذا ، فنقول : لا يخفى عليك أن النفس من حيث كونها جوهرا مفارقا مجردا عن المادة ، لا يمكن أن يكون البدن شرطا لوجودها مطلقا إذ هما من هذه الجهة متباينان بحسب الذات ، والمتباين لا يمكن أن يكون شرطا لوجود ما هو مباين له ذاتا ، فلننظر في أنها من جهة مقارنتها للبدن وارتباطها به وتصرفها فيه ، هل يمكن أن يكون البدن شرطا لها أي شرطا لتعلقها به أم لا؟

فنقول : إن البدن على هذا يكون شرطا لتعلق النفس به ، ويكون المشروط هو التعلق ، وظاهر أن التعلق المذكور أمر إضافي يستدعي الطرفين ، أي المتعلق الذي هو النفس ، والمتعلق به الذي هو البدن في وجوده الخارجي والذهني جميعا ، وكما أنه في الخارج يتوقف تصوره على تصورهما ، فطرفاه داخلان في حقيقته ، فإذا كان البدن الذي هو داخل في حقيقته ، شرطا له ، يلزم أن لا يكون الشرط والمشروط متغايرين ؛ هذا خلف. فكيف يمكن أن يكون البدن شرطا له.

والحاصل أن وجود التعلق المذكور وإن كان فرعا على وجود البدن ، إلا أنا لا نسلم كون البدن شرطا له ، حيث يلزم منه كون شيء شرطا لما هو داخل في حقيقته ، والشرط ينبغي أن يكون خارجا عن حقيقة مشروطه ، وكذا عما يدخل في حقيقته. وعلى تقدير تسليم إمكان ذلك بناء على أن المشروط ، هو نفس التعلق المذكور الذي هو غير البدن وأن طرفيه خارجان عن حقيقته ، نقول : لا يخفى أن المادة البدنية من حيث هي هي من

পৃষ্ঠা ২০৯