133

يؤكد ما ذكرناه.

وقال صاحب المحاكمات في تقرير اعتراضه الأول هكذا : إن عدم قبول النفس الفساد على تقدير أنها أصل ظاهر ، وأما على تقدير أنها ذات أصل أي مركبة من بسائط ، لا يكون كلها حالا حتى يتحقق منها بسيط غير حال غير ظاهر ، بل اللازم عدم قبول جزء النفس الفساد ، ومدار اعتراض الإمام على هذا الاحتمال ، أعني أن يكون النفس مركبة واحتمال تركيبها من حال ومحل ، فإنها على تقدير تركيبها من جواهر غير حالة ، يكون كل منها قائما بذاته عاقلا لذاته ، فيكون كل منها نفسا فيلزم أن يكون النفس الواحدة نفوسا متعددة ، وأنه محال ، فلهذا فرض الإمام تركيبها من حال ومحل وأنهما مخالفان لهيولى الأجسام وصورته ، لأنهما جزءا النفس مجردان ، وأن الباقي المحل لا الحال ، فحينئذ لا يلزم من بقاء المحل بقاء النفس كما لا يلزم من بقاء الهيولى بقاء الجسم.

وأما قوله : «وحينئذ يجوز أن لا تكون كمالاتها الذاتية باقية» ، فقد تم الاعتراض دونه ، ولا دخل له في الاعتراض ، إلا أنه زيادة زادها لتأكيد بطلان كلام القوم في هذا الباب ، فإنهم لما أثبتوا بقاء النفس ، قالوا إنها تبقى بعد موت البدن عاقلة لمعقولاتها ، موصوفة بالأخلاق التي اكتسبتها حال تعلقها بالبدن ، ومع قيام ذلك الاحتمال لا يمكن القطع بشيء من هذه ، لجواز أن يكون اتصاف النفس بهذه الكمالات مشروطا بوجود الجزء الحال ، فإن انتفى انتفت. انتهى كلامه. (1)

وأقول : إن هذه الإيرادات ، لو كانت واردة على دليل الشيخ في الإشارات ، ربما يتراءى ورودها على دليله على هذا المطلب في الشفاء أيضا ، إذ مآلهما واحد ، والاختلاف إنما هو في العبارة ، وأن ما ذكره في الشفاء بقوله : «وكلامنا في هذا الشيء الذي هو السنخ والأصل وهو الذي نسميه النفس ، وليس كلامنا في شيء مجتمع منه ومن شيء آخر» لا يجدي نفعا في دفع تلك الإيرادات كلها أو بعضها ، إذ مجرد التسمية وادعاء أن كلامنا في هذا دون ذاك ، مع فرض التركيب من جزءين ، ليس بنافع في ذلك. وظني هذه الإيرادات كلها إنما نشأت عن الغفلة عن كلام الشيخ في الكتابين مثل ما تقدم ، حيث إنه عند إمعان النظر فيما ذكره في الكتابين من الدليل على هذا المطلب ، وما بني عليه الدليل ، يمكن

পৃষ্ঠা ১৮২